مازالت تداعيات الزلزال الدبلوماسية والانفتاح الإقليمي والدولي على دمشق تلقي بثقلها على أميركا، إذ لم تزعزع هذه التداعيات قيصر إرهابها فحسب، بل بدأت بتصويب مسارات وكسر قيود سياسية وتعبيد طرق لم ترد واشنطن يوماً فتحها، بل عاى العكس فخختها بديناميت جبروتها وتعويم أباطيلها لتمرير أجنداتها الاحتلالية وفرض مشيئتها التعسفية متبعة قاعدة “إذا كان السم جاهزاً أوجد عسلاً لدسه”.
في كل ما خلفته كارثة الزلزال من ضحايا ومعاناة إنسانية نتيجة العقوبات الأحادية الظالمة على السوريين، يحضر الذعر الأميركي وتغيب معاني الإنسانية عن تصريحات إدارتها رغم الدجل الممارس إعلامياً عن إعفاء جزئي لعقوباتها المسيسة لفسح مجال إغاثي، فحبل الخداع بات مقطوعاً ولا يمكن لمزاودات إنسانية مفقودة أن توصله، وما تخشاه واشنطن بات واقعاً وجسور التلاقي التي لغمتها بالتهديد وتعويم الافتراءات، نسج الأشقاء والأصدقاء من شرايين الوجدان والوجع المشترك والهم الواحد بدلا منها جسوراً من لهفة وتعاضد أوصلتهم لدمشق ليبلسموا جراحاً ويخففوا مصاباً وحرك الأحاسيس الحقيقية وحررها فلم تتمكن قيود قيصر من تكبيلها.
تخشى واشنطن هذا المشهد الذي يتراءى لها فزعاً من قادم أيام تحبط مكائدها وتنسف مؤامراتها فهي تواصل حربها الإرهابية على سورية لمنع حدوثه ورأب شروخ في منطقتنا هي من أوجدتها، فيسارع الناطق الرسمي باسم خارجيتها نيد برايس لإبداء خشيته بقوله “يجب أن لا تقود الإغاثة لعلاقات طبيعية مع دمشق” فالإنسانية بالعرف الأميركي وصفات مسمومة للاتجار القذر والتوظيف السياسي، ففوق ركام الزلزال تصدر بياناتها التحذيرية وتبدي مخاوفها من عودة العلاقات الصحيحة مع دمشق.
ليست أميركا وحدها المذعورة من التقاربات مع دمشق والتأكيد على وحدة الجغرافية السورية وترابطها، فميليشيا قسد ذراع المحتل الأميركي ورأس حربته الإجرامية أيضا تغرف من قناة الهلع ذاتها وتدلي بمخاوفها على لسان متزعميها من تبدد أوهامهم الانفصالية والتخلي الأميركي المعهود عن شركاء إرهابه حين انتهاء أدوارهم الوظيفية.
مهما جهدت واشنطن لرسم جغرافية سياسية بأقلام التمزيق والتفرقة لن تستطيع تفصيل منطقتنا على مقاس أهوائها، فما يجمعه الوجدان أكبر وما يفرضه الحق المشروع ببسط السيادة الوطنية ودحر الاحتلال ووقف نهب مقدرات السوريين تكفله المواثيق والقوانين الدولية.
سيبقى الطريق لدمشق معبداً بمتانة الروابط وعمق صلات الأخوة والصداقة.. أما النفث الأميركي في عقد الإرهاب فلن يطول مداه الزمني والحق منتصر لو بعد حين.