” المبدع الشبح شات جي بي تي “

(شات جي بي تي) هل يهدد الإبداع مادمنا نخترع ثم نناقش كيف ندرأ المخاطر؟.. هكذا الحال مع كل تفاصيل التكنولوجيا المتقدمة، والفائقة منها، وكأن صناعها يقفون وراء زجاج يراقبون، ثم يضحكون، وهم يسخرون مما يجري للبشر من حولهم بسبب اختراعاتهم، وما يوفرونه لهم من برامج ذكية، وأخرى ربما فائقة الذكاء.

لقد أصبح أمر فرز المزيف من الأصيل، والتحقق من كلٍ منهما مثل اقتفاء الأثر في الصحراء، والاقتفاء بحد ذاته يحتاج إلى خبرة، ومهارة، لمعرفة أسراره، وسبل كشفه عن الخطوات الحائرة بين الرمال، فهل سيخترعون بالتالي برامج جديدة لكشف الكاذب، من الصادق، والمزيف من الحقيقي؟.. أم أنهم سيوجدون فروعاً في الجامعات في تخصص كشف الزيف، والخداع؟.. والمبدع الشبح الذي يحمل اسم (شات جي بي تي) والذي هبط إلى الفضاء الإلكتروني إنما يجيد كل شيء تقريباً، فهو كاتب، وفنان، وحقوقي، وصحفي، وطالب طب مجتهد، وشاعر، وفيلسوف، وغير ذلك كثير، ومخزونه من البيانات اللغوية، والأخرى المعلوماتية تكاد لا تنفذ من ذاكرته العجيبة.

وعلى سبيل المثال فهو جاهز بإمكاناته لمن لا يجيدون الكتابة، وهو قادر على مساعدتهم شأنه في ذلك شأن الكاتب الشبح، إلا أنه شبح متفوق باستخدامات مفيدة، وأخرى خدّاعة أكبر منها.. هكذا سيكون الحال مع انتشار هذه التقنية الجديدة التي أُعلن عنها، وكان لها النصيب الأكبر من الدهشة، والإثارة، والرغبة باستخدامها.. ليصبح كل أحد متفوقاً، وبإمكانه أن يكون مبدعاً في علوم الطب، أو القانون، أو الفن، والأدب.. وكم من الفضائح اطلعنا عليها عندما توارى الكاتب الشبح وراء اسم ممن يرغبون بالفوز بلقب كاتب، ويحلمون بالشهرة.. ولا داعي لذكر أسماء كبيرة، ومعروفة في عالم الأدب اقترفت جريمة إيهام أحدهم من أولئك العاديين الذين لا يملكون أي فرصة لتصدر لهم كتباً تحمل أسماءهم أن لهم نصيباً من الموهبة حتى حقق لهم الكاتب الشبح ذلك الحلم الجميل.

تناقضات، ومفارقات تستوقفنا لنسأل: إلى أين يسير العالم بذكائه الصناعي الذي كاد أن يتفوق على مبدعيه.. والبرامج الخارقة تتوالى، وآفاقها تتسع بوحشية، ومن دون رحمة.. فماذا سيفيد المرء من ارتداء ثوب فضفاض ليس له، أو اكتساب صفة كذباً، وهو لا يملك من مقوماتها أي شيء؟

ولكن.. هذا ليس كل شيء.. فحتى لو تفوقت تلك البرامج بإنتاجٍ يطلبه مَنْ يطلب ليخرج به إلى العالم على أنه من صنعه فإن الأمر يتطلب صاحب الاختصاص ليكون خلف ذلك الإنتاج أياً ما كان علمياً، أو أدبياً، أو فنياً، ليضبط أوصاله، ويصحح التشوهات الخلقية التي قد ترافقه، وتولد معه، فكما الوليد الجديد يحتاج لرعاية فكذلك هو حال وليد (الشات جي بي تي).. حتى لا يخرج وليداً ناقصاً، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة.

فهل سننتظر ليس طويلاً حتى تخرج إلينا الروايات، والقصص من رحم الذكاء الصناعي لتبهرنا، وتنهض بنصوصنا المستقبلية، وتجعل الكتّاب، والأدباء يغارون منها، ويندبون حظوظهم أنهم لم يصلوا رغم اجتهادهم إلى تفوق هذه البرامج الذكية، أو ليجدوا أنفسهم أقل ذكاءً منها ومقدرة على ابتكار الأفكار، والتطور في الأساليب الفنية؟.. أو أنهم عاجزون عن تطوير أنفسهم فكراً، وأسلوباً لتتملكهم فيما بعد عقد النقص، وربما أصبحوا هم مادة يكتب عنها (الشات) أو الذكاء المصنع؟ فهل نحن مقبلون على عهد جديد يختلط به الحابل بالنابل في الأدب، والفن على وجه الخصوص، بينما تسعف هذه التقنيات أصحاب العلم في استنباط ما هو من الجديد الذي يغذيه الذكاء الصناعي بما يملك من معلومات، واختيارات؟ ربما.. أم أننا سنسبح جميعاً في مستنقع هلامي تنغرس فيه أقدامنا فلا نستطيع أن ننتزعها منه؟ ربما أيضاً. وعلى افتراض ذلك ألن نصبح عبيداً لمن يفرد بضاعته الفائقة أمامنا من دون تكاليف تذكر، أو بالمجان.. والأشباح تحوم من حولنا لا لترعبنا بل لتساعدنا، وتبهجنا، وتحقق لنا ما كان من نسج أحلام، أو من نسج الفراغ.. كل هذا قد يحدث، وقد تتسع دوائره لنتورط فيه أكثر وأكثر، ونعيش في خداع يبدأ صغيراً، وما يلبث ان تتوالد منه طبقات فوقها طبقات من الخداع.. وعند ذاك قد لا تنفعنا برامج المعالجة، ولا الطبابة الإلكترونية في الشفاء، أو أننا لن نقوى حتى على الارتقاء في أولى درجات سلم العلاج.

 

 

آخر الأخبار
أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان الدفاع المدني السوري.. استجابة شاملة لسلامة الأهالي خلال العيد دمشق منفتحة على التعاون مع "الطاقة الذرية" والوكالة مستعدة لتعاون نووي سلمي حركة تسوق نشطة في أسواق السويداء وانخفاض بأسعار السلع معوقات تواجه الواقع التربوي والتعليمي في السلمية وريفها افتتاح مخبز الكرامة 2 باللاذقية بطاقة إنتاجية تصل لعشرة أطنان يومياً قوانين التغيير.. هل تعزز جودة الحياة بالرضا والاستقرار..؟ المنتجات منتهية الصلاحية تحت المجهر... والمطالبة برقابة صارمة على الواردات الصين تدخل الاستثمار الصناعي في سوريا عبر عدرا وحسياء منغصات تعكر فرحة الأطفال والأهل بالعيد تسويق 564 طن قمح في درعا أردوغان: ستنعم سوريا بالسلام الدائم بدعم من الدول الشقيقة تعزيز معرفة ومهارات ٤٠٠ جامعي بالأمن السيبراني ضيافة العيد خجولة.. تجاوزات تشهدها الأسواق.. وحلويات البسطات أكثر رأفة عيد الأضحى في فرنسا.. عيد النصر السوري قراءة حقوقية في التدخل الإسرائيلي في سوريا ما بعد الأسد ومسؤولية الحكومة الانتقالية