رسائل جمة أطلقتها زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى موسكو، فما عكسه لقاء القمة التاريخي السوري الروسي، بمواقيته الحالية وسط المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة والمفصلية من معان وما جسده من تلازم مسارات ومتانة تحالفات وما نقله من رؤى مشتركة للقضايا الاستراتيجية والملفات الاقليمية والدولية الساخنة، وأكده من ثوابت راسخة ومصالح مشتركة وقيم ومبادئ تجمع دمشق وموسكو، أبعد من رسالة وأفصح من بيان.
فمدلولاتها وأبعادها تؤكد أنها ليست حدثاً عادياً في روزنامة الأحداث العالمية، بل حدث بالغ الأهمية في ظروف استثنائية تشهدها المنطقة، ولسورية دور محوري ولموقعها الريادي ثقل نوعي في ميزان التحالفات الاستراتيجية، فالخضات السياسية والهزات الاقتصادية التي تضرب العالم تؤذن بولادة قطبية متعددة بمواصفات مغايرة لما فرضته لعقود عربدة محور الشر العالمي.
المسافة بين دمشق وموسكو تختصرها عقود ثمانية من علاقات متجذرة أثمرت وفاء ومواقف واضحة لم تتبدل ولم تتغير، فما يجمع بين سورية وروسيا أكبر من أن تختزله كلمات وأعمق من أن تشرحه صور التلاقي الدائم على ضفاف الثبات على نصرة الحقوق والتصميم على اقتلاع أشواك الإرهاب والمضي قدماً لفضاءات سلام واستقرار واعدة، يحققها بسط السيادة السورية على كامل الجغرافيا الوطنية الموحدة والمترابطة، وخروج القوات المحتلة واستعادة الثروات المنهوبة وضمان الأمن الاستراتيجي الروسي.
فليقرأ من مازال في عينيه رمد رهانات أميركية وغربية في سطور الزيارة الحدث ومعانيها، وليتمعن في تفاصيل ما اكد عليه اللقاء السوري الروسي من ثوابت ، فثمة ارهاصات لمرحلة جديدة عالمية وإقليمية بدأت ملامحها تتجسد بوضوح تضبط فيها سورية بقيادة الرئيس الأسد باقتدار وحكمة رشيدة ومسؤولية وطنية وقومية عليا إيقاع المرحلة وتثبت موقعها الريادي وثقلها المحوري إقليمياً، كما ضبطت إيقاع المواجهة في معارك الميدان، فمن اجتاز مفخخات تعطيل التحرير ونزع صواعق الفوضى الإرهابية قادر على متابعة السير بمقدرة نوعية في أكثر الحقول الشائكة سواء كانت سياسية أم عسكرية طالما بوصلة الاستراتيجية السورية واضحة إحداثياتها ووجهتها وأهدافها والثوابت الوطنية والقومية التي قبضت على جمراتها لم تتغير أو تتبدل.
ملفات متعددة سياسية واقتصادية وملفات شائكة ومفصلية كانت على طاولة البحث والتنسيق و التشاور السوري الروسي افرزت رؤى مشتركة ورسمت محددات لخطوط العمل والتعاون المرحلي والمستقبلي المشترك بشتى المجالات، فالغد واعد لمن نسج خيوط اشراقة فجره بصوابية رؤى ونجاعة استراتيجية، وصدق وقوة تحالفات اختبرت متانتها حلبات السياسة ومواجهات الميدان ومعارك التصدي للإرهاب الاقتصادي، وهي قادرة في كل حين على تذليل الصعاب وتجاوز مفخخات الاستهداف والحصار وبلوغ أسمى المقاصد.