الثورة – غصون سليمان:
إلى الأم التي غرست في حنايا الروح وجبات المحبة وعانقت شرايين الوصل بطهر الغمام..
الى من كانت الأنشودة لأطفالها، وجمرة الدفء لأبنائها، وهدأة السكينة لزوجها وعائلتها..إلى الأم السورية التي رشفت من رحيق القدر أوجاعا شتى وضمدت بصبرها النبيل جراحها النازفة ..
الأم السورية التي كانت في كل الخطوات متقدمة تسابق الزمن مع أخيها الرجل البطل والشجاع يجوبان معا مفاتيح الجغرافية، ويغرفان من التاريخ عمق التجربة وخبرة الحياة ..
ففي حضرة الحب بين أزاهير الربيع تقفز الأفئدة الى أحضان الحنان حيث الطمأنينة والأمان هي دار البقاء ..
اليوم تتلون هدايا العيد وتعبر الكلمات بين حالات الفرح والحزن ،الخوف والقلق ،التذكر والنسيان ، خليط من المشاعر الممزوجة بكل الوصفات الإنسانية التي كتبتها الدموع والأقلام بهذه المناسبة ..تتزين بحروف الدعاء والأماني والآمال والأحلام..
في عيد الأم الذي يحتفي به الأبناء والأسر والعوائل السورية، لم يعد مهما عند الغالبية قالب الحلوى ولا هدية الذهب أو ظرف المال وقطعة القماش، ففي أديم التراب فوقه وتحته تعج الذكريات بين مجامر البخور وعطر المقابر.. فهنا رقدت أمي، وأمك، وأمهاتهم..هنا نافذة للأمل تنظر عودة مسافر وترقب بعينيها الغائرتين عودة فلذة كبد طال انتظاره، وأخرى تجاور ضريح شهيد تطيب بقربه صلاة النجاة ونسيان وحشة الفقد والفراق ..
لقد عودتنا الأم السورية الأصيلة كيف تخلع عن كاهلها ثوب التعب واليأس والإحباط..تبتكر الوسائل البديلة وتبحث في ظروف الضيق والقلة عن مطارح للفرج ..لم تستسلم ،بقيت كما قاسيون وجبالنا الشامخة واقفة بنبض القوة والحب ،أنيقة الروح والقد كما اخضرار الطبيعة.
لم تدع التصحر يقترب إلى قلبها ونفسها رغم هول المآسي، لطالما تكتنز في سرها وخصوصيتها حيوية الماء والدماء والهواء الذي يمنح بيوتنا ومنازلنا حميمية العشرة ودفء المكان كما حبل السرة بين الجنين وأمه.
فإلى كل الأمهات اللواتي ربين وضحين واستشهدن وتحملن ومازلن مصاعب الحياة ننحني تقديرا وحبا لعظمة المناسبة..حيث الوطن أم.
التالي