عندما تقول الولايات المتحدة إنها ترفض أي دعوات صينية محتملة لهدنة في أوكرانيا، وحين تقدم واشنطن مساعدات أمنية إضافية لكييف بقيمة ٣٥٠ مليون دولار، وكذلك عندما يقر الاتحاد الأوروبي خطة لتزويد أوكرانيا بذخيرة قيمتها ٢مليار يورو، فإن ذلك يعني أن الغرب المتأمرك ماض في سياساته العدوانية والتصعيدية حيال موسكو، مهما كلفه الثمن، حتى وإن أريقت في سبيل ذلك دماء ملايين الأوكران.
في الجعبة الصينية الكثير من الطروحات التسووية، وكذلك فإنه في العقلية الروسية تبقى الأولوية لحقن دماء الأبرياء، ووقف هذا الاستنزاف البشري والعسكري الذي تستثمر به واشنطن وأتباعها الأوروبيون، ولكن في المقلب المقابل لا تكترث واشنطن، ولا الاتحاد الأوروبي، بمن سيقضي في هذه الحرب المفتعلة، أو كم ستبلغ تكلفتها المادية، والمعنوية، والنفسية، على الشعبين الروسي، والأوكراني، فالأجندة الأمريكية مليئة بالسيناريوهات حول كيف يمكن تحقيق الغايات التسيدية، البنتاغونية، وتكريس النزعة القطبية الأحادية، وبالتالي العمل على تحقيق كل ما من شأنه تفرد أميركا، وهيمنتها على القرار الكوني.
الثابت أن واشنطن تريد أن تعبث برقعة الشطرنج الدولية، والسيطرة عليها، لكنها تسعى إلى أن تظل اللاعب الأوحد، وألا يكون هناك ولو منافساً واحداً لها، أو خصماً حقيقياً يقول لها: انتهت اللعبة، وهذا هو مكانك الحقيقي، وهذا هو حجمك الطبيعي.
المؤكد أن واشنطن على الأرض تتبع سياسة الأرض المحروقة، تفتعل الحروب، وتستثمر بها، لتدخل دول غيرها، وتنهب ثرواتها، وتدمر بناها التحتية، وتستنزف مواردها.
هي لا تريد سلاماً في أوكرانيا، ولا تسعى لحلول سياسية في سورية، بل هي ليست في وارد أي تسوية للقضية الفلسطينية، من شأنها إرجاع الحقوق المغتصبة، بل هي على النقيض من ذلك تماماً، لطالما سكبت ولا تزال زيتها على أوار نيران الأزمات التي افتعلتها في دول العالم بأسره، عن سابق إصرار وترصد.
الحق منتصر في النهاية، لذلك كل محاولات أميركا، وكل دعمها، وتسليحها لكييف، لن يغير من حقيقة المشهد التي تفيد، بأن لا أميركا، ولا الاتحاد الأوروبي، ولا كل السيناريوهات الظلامية، ستتمكن من لي ذراع موسكو، أو بكين، أو أي نظام مقاوم، أو حكومة ممانعة، ولمن يشكك فليراجع سجلات التاريخ، التي لطالما حدثتنا بأن ما من معركة خاضتها أميركا، إلا وخرجت في النهاية، تجر ذيول الخيبة والعار.
السابق
التالي