بداية لا بد من القول إن القطاع الصحي استطاع إثبات حضوره الوطني خلال أكثر من عقد ونيف من سنوات الحرب العدوانية باعتباره من أهم القطاعات الحيوية التي صمدت وتفاعلت مع جروح الوطن النازفة رغم استهدافه المباشر والخسارات البشرية والمادية التي أصابته في الصميم سواء من خلال تدمير مشاف ضخمة أم من خلال استهداف كوادر طبية مميزة وهجرة آلاف الأطباء،هذه الصورة المشرقة رسم ملامحها أطباء وطنيون بامتياز،لكن كان لها وجه آخر قاتم بظلاله التي كانت ملحوظة من خلال أخطاء ارتكبها بعض الأطباء في بعض المشافي،هذه الأخطاء كان لها أثر كبير على من فجعوا بوفاة طفل أو شابة دونما أية مسؤولية.
بصمات هذه الأخطاء تقاسم معها حيف المواطن المنكوب لتعمق جراحه عوضاً عن تضميدها ولتبرز معها شكاوى وهنات العديد من المواطنين الذين بثوا لواعجهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي من جهة،أو من خلال الشكاوى التي قدموها للجهات المعنية من جهة أخرى.
طبعاً لن نتحدث عن الحادثتين اللتين وقعتا مؤخراً في أحد مشافي دمشق،لكننا نتحدث عن الأخطاء الطبية التي تحصل بشكل عام،لأننا نريد أن تأخذ وزارة الصحة دورها في مراقبة كافة المشافي إن من حيث الكادر الطبي وما يمتلك من قدرات طبية اختصاصية،أو من حيث وجود الكادر المساعد لهذا الكادر،نقول ذلك لقناعتنا بوجود أشخاص لا يمتون للطب بصلة، وإلا فما مبرر تلك الأخطاء، وهذا يقودنا إلى الوقوف عند تعميم وزارة العدل الذي نص على عدم اتخاذ أي إجراء بحقّ أي طبيب ومنها توقيفه،إلا بعد الاستعانة بخبرة طبية جماعية اختصاصية لتحديد سبب الوفاة أو الإيذاء المنسوب إلى الطبيب في معرض قيامه بعمله، ليصار على ضوء الخبرة اتخاذ الإجراء القانوني المناسب،وبين التعميم أن اتخاذ هذه الإجراءات أتى من منطلق الحرص على سمعة الطبيب وحمايته.
ونحن هنا نشير إلى ضرورة أن يكون جميع الأطباء والمشافي ضمن التأمين، إضافة إلى ما أكد عليه نقيب أطباء سورية بضرورة التنسيق مع الوزارات المعنية بخصوص توقيف الأطباء،وأن هناك مسودة قانون المسؤولية الطبية والذي يتناول الأخطاء الطبية والمشرعات والتوقيف الاحترازي.
بكل الأحوال الأخطاء الطبية تكررت وكان ضحيتها أناس بعمر الورود، فجعوا أهاليهم، باعتقادنا أن هذه الأخطاء يجب ألا يترك أصحابها دونما عقاب، فلا يكتفى بدفع التعويضات لأنه مهم دفع من مبالغ مالية لذوي الضحايا لا يساوي دمعة أم فقدت فلذة كبدها نتيجة خطأ طبيب، ولا يساوي فقد طفل لأمه نتيجة خطأ طبي أيضاً،من هنا نؤكد ضرورة المحاسبة القانونية الرادعة بحق من يرتكب خطأ مهما كانت درجة هذا الخطأ ونقطة من أول السطر.