رفاه الدروبي:
الفنان التشكيلي أنور باكير ابن حي الشاغور أحبَّ التراث وتغلغل بين ثناياه، فطرق بابه بقوة منذ خمسة عشر عاماً، مستفيداً من موهبة الرسم فوجد مخزوناً عامراً بالأفكار، ضمن أروقة دمشق القديمة، موظفاً أدواته مقدماً الحكواتي وصندوق الدنيا لأنَّه ابن بيئته مؤظفاً ملكة الرسم لخدمة التراث ونبش مكنوناته ليُقدِّم حكايات قصيرة واقعية اجتماعية بأسلوب فكاهي مُحبَّب يحمل العبر بعيداً عن قصص الزير سالم وعنترة.
يجوب بحكاياته خيم رمضان والمقاهي العتيقة، مشيراً إلى أن العائلات تأتي بصحبة أطفالها للاستماع وللاستمتاع بحكاياته لأنَّه صمَّمها بأنامله وفكره الوقَّاد فيقدِّم الحكواتي ويليه “خيال الظل” المتمثل بشخصيتي كركوز وعيواظ، ولا ينسى الشخصيات الشامية كأم كامل وأبي رياح والفنان الكبير دريد لحام بملابسه وطربوشه الأحمر وقميصه المُطرَّز ولهجته المُحبَّبة، مُخلِّفاً رنين قبقابه لتعلو الأصوات وترتسم البسمات على الشفاه.
شكَّل صندوق عجائبه مشروعاً متناهي الصغر استغرق صنعه ثلاثة أشهر أنجزه بيديه من ألواح خشبيَّة تالفة ثبَّتها بمسامير حديدية مزوَّدة بـأربع عدسات مكبّرة لجذب الأطفال كي يشاهدوا صوره ورسومه المتحرِّكة، رسمها بنفسه على رول ورقي بطول 20 متراً ملفوفاً على بكرة مثبتة داخل صندوق عجائبه ومتصلة بمقبض خشبي يُحرِّك صورها المكوّنة لحكايات متكاملة. ويحوي الصندوق الخشبي في جعبته حكاياتٍ شعبيةً عن الحارات والأزقة الدمشقية وعادات وتقاليد أهلها إضافة إلى تعزيز قصص تعكس القيم الإنسانية للمجتمع، ويضيف إليها قصصاً خاصة بالأطفال مثل “ليلى والذئب والأميرة النائمة والدجاجة الذهبية وسندريلا”.
نوَّه الباكير إلى أنَّ أهم ميزات الحكواتي ملازمته للمجتمع المحلي وإلمامه بالثقافات الشعبية، ناهلاً من التراث، لكنَّه يبدي حرصه على أن تحمل النهاية الفرح والبهجة وتوصل الهدف المبتغى كإضاءة أمل شفيف في نفوس المتابعين، وفي نهاية المطاف يسأل الأطفال عن العبرة والمغزى من القصة، فيسردها كلٌّ منهم بأسلوبه، ولا ينسى أن يوزع السكاكر والملبَّس المحفوظين في جيب صغير أعدَّه أعلى صندوق عجائبه كمكافأة لهم.