قرار نفطي جديد يحاكي قرار الحظر الشهير في 1973

خميس بن عبيد القطيطي- كاتب من سلطنة عمان:

ربما هناك مبالغة مقصودة بالعنوان بوصف قرار اقتصادي مهني بحت بقرار تاريخي للعرب لكن المشترك بينهما هنا هو الانزياح عن الهيمنة الغربية وتحفيزاً للوعي الجماهيري والرسمي العربي للدفع باتجاه تبني واقع عربي جديد يحاكي تاريخ الشرف والكرامة للأمة العربية.
ففي غضون الخمسة شهور الماضية أقدمت مجموعة أوبك وأبك+ على تخفيض إنتاج النفط للمرة الثانية كإجراء احترازي وذلك للحفاظ على الاستقرار والتوازن في أسواق النفط، حيث أعلنت كلا من روسيا والسعودية والعراق والإمارات والكويت والجزائر وسلطنة عمان وكازاخستان والجابون خفضاً ثانياً بما يتجاوز أكثر من مليون و600 ألف وذلك بعد قرار التخفيض الأول في 5 أكتوبر من العام المنصرم على أن يبدأ العمل بقرار الخفض الجديد في مطلع مايو المقبل ويستمر حتى نهاية العام 2023م تماشياً مع القرار الأول.
ولا شك أن هذا القرار الجريء الذي اعتمدته هذه الدول يأتي لمواجهة تقلبات أسعار النفط وحفاظاً على مصالح هذه الدول المنتجة للنفط في منظمة أوبك الـ13 ومجموعة أوبك+ الـ10 الأخرى التي تسير معاً وفقاً لخطط استراتيجية لتحقيق التوازن في أسواق النفط العالمية وبما يتماشى مع النمو الاقتصادي العالمي أخذاً بالاعتبار مصالح هذه الدول أيضاً، وقد تكون ليست المرة الأولى التي يقلص فيها الإنتاج في الأسواق العالمية لكنه هذه المرة يقدم رسالة واضحة أن هذه المجموعة الدولية معنية باستقرار الاقتصاد العالمي والحفاظ على التوازن في أسعار النفط وأنها تضع بالاعتبار مصالحها أيضاً دون انصياع لأي ضغوطات من قبل القوى الاقتصادية العالمية وهنا فقد علقت الإدارة الأمريكية على قرار التخفيض الجديد بأن هذا التخفيض المفاجئ في إنتاج النفط الذي أعلنته بعض دول أوبك ودول أخرى في أوبك+ غير منطقية.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي “لا نعتقد بأن التخفيضات منطقية في هذا التوقيت بالنظر إلى حالة عدم اليقين التي تكتنف السوق وقد أوضحنا ذلك” وعلى ذلك فإن منظمة أوبك ومجموعة أوبك+ تقدم نفسها بقوة في حركة الاقتصاد العالمي وتحقيق النمو والتوازن الاقتصادي العالمي .
قرار التخفيض الجديد “الاحترازي” الذي أعلنت عنه هذه الدول لدعم استقرار أسعار النفط قد أثبت جدواه فور إعلان التخفيض وذلك بعودة الأسعار نحو الارتفاع، وهو بالتالي يأتي ضمن استراتيجية نفطية عالمية تحقق الاستقرار للاقتصاد العالمي وتحافظ على أسعار النفط ليتراوح بين 80 – 100 دولار ولا شك أن الأهم في استراتيجية المنظومة الدولية هو عدم خضوعها للضغوطات الدولية.
والجدير هنا التذكير بالقرار النفطي الشهير الذي أعلنته الدول العربية المنتجة للنفط قبل (5) عقود لوقف تصدير النفط عن الدول الداعمة للكيان الصهيوني أثناء الحرب العربية الصهيونية عام 1973م، ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف الضغوطات الدولية على الدول العربية المنتجة للنفط، ولكن هذا القرار أيضاً لا يعني تحدياً لأي قوة عالمية في هذا التوقيت بل يأخذ بالاعتبار الحفاظ على استقرار أسواق النفط العالمية وتوازن الاقتصاد العالمي حيث ما زالت أسواق الطاقة تمثل الرقم الأهم في الاقتصاد العالمي.
هذه الإرهاصات الاقتصادية الدولية بلا شك أنها تأذن بعهد جديد يلوح في الأفق نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب لا يخضع للضغوطات ويزيح الهيمنة والجشع عن كاهل الاقتصاد العالمي وهو بلا شك أمر إيجابي ومهم جداً في مستقبل الاقتصاد العالمي والتبشير بنظام عالمي متعدد الفرص والأقطاب نظام يقود العالم نحو التوازن الذي فقد في عالم الأحادية القطبية.
الملفت في قرار الخفض الجديد أنه جاء بعد فترة وجيزة من قرار التخفيض الأول وهذا القرار النفطي العالمي يعبر عن مسؤولية دولية تجاه استقرار الاقتصاد العالمي وضبط أسعار النفط العالمية وهو قرار شجاع جدير بالاحترام ويحسب لمجموعة الدول المنتجة للنفط في مجموعة أوبك وأوبك+ التي تقدم نفسها بشكل متواز مع المتغيرات الدولية التي يشهدها العالم اليوم.
* المقال ينشر بالتزامن مع صحيفة الوطن العمانية ورأي اليوم

آخر الأخبار
دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي