الثورة – سلوى الديب :
الباحث في الأثار الأندلسية، يلمس تأثرهم الواضح بالحضارة العربية، في مجال العمارة والفنون، يقدم الباحث الأثري “جميل القيم” من على منبر المركز الثقافي في حمص محاضرة بعنوان “رحلة الفن من الشام إلى الأندلس” بالتعاون مع جمعية العاديات، سنقتطف بعض ما ورد فيها:
يقول القيم: لقد تأكد وجود السوريين في بلاد الأندلس، عندما سير الخليفة هشام عام 741م جيشاً آخر من أهل الشام مؤلفاً من سبعة وعشرين ألفاً، استقر أكثره في شمال إفريقيا، ومضى ثلث العدد بقيادة بلج بو بشر إلى الأندلس وحلوا جميعاً فيها، وخاصة في قرطبة العاصمة، وتفرق بعد ذلك أكثر أهل الشام في باقي المدن الأندلسية، فنزلت جماعة حمص في أشبيلية، وفرقة دمشق استقرت في مقاطعة البيرة.
لقد جمل عبد الرحمن الداخل مدن مملكته، ليصبح كفؤا لشارلمان، فابتنى حول العاصمة سوراً، وشيد مدينة الرصافة بظاهر قرطبة، على غرار قصر الحير الذي بناه جده هشام عبد الملك في سورية.
وأضاف “القيم” أنشأ عبد الرحمن جامعه الكبير في قرطبة، وفي عهد الأمويين ظهرت صناعات جديدة في الأندلس كصناعة الحرير التي انتقلت من الصين عن طريق أهل الشام، أما فن ترصيع الفولاذ وسواه من المعادن بالذهب والفضة وتزريقها بالصور على شكل الزهر، وهو فن جيء به من دمشق.
ويدعي بعض المؤرخين التأثير الهلنستي في التصوير التشبيهي الذي نراه في قصور الأمويين في بلاد الشام، ولكن المؤرخين من أمثال برهيه ولامنس يجمعون القول أن بلاد الشرق الأدنى كانت قد ابتعدت منذ البداية عن العناية بتصوير الأجسام واحترام علم التشريح وفق القواعد الهلنستية، بل رجع الفنانون إلى أصول الفن الرافدي، يستوحون من قواعده الفنية الجميلة، وتبعا لهذه الآراء يتضح أن التصوير الإسلامي في نشأته اتبع تقاليد محلية، مارسه فنانون محليون وفق تقاليدهم الخاصة، لم يمارسه الغرباء ولا حتى العرب الفاتحين.
وأشار “القيم” إلى صناعة التحف المعدنية كتقليد راسخ في بلاد الشام، وانتقلت تقاليد هذه الصناعة إلى أوربا وخاصة إلى البندقية التي كانت مركز هذه البضاعة، وكان الصناع السوريون أول من مارس في البندقية ذاتها هذا الفن.
وهكذا نشأ الفن الإسلامي في غير بلد منشأ الدين الإسلامي، نشأ على أرض عربية ترجع أصول الفن فيها إلى بداية التاريخ، فهو بهذا المعنى فن أصيل، هو استمرار لتقاليد راسخة ولكنه استمرار متطور فيه الكثير من الخصائص والمزايا التي فرضتها الشخصية العربية المسلمة الناهضة من جديد، والتي توضحت بسرعة مذهلة.
وأشار الدكتور نزيه بدور لانزياح برنامج العاديات فرع حمص و تأجيل نشاطات المركز الثقافي بسبب الزلزال، حيث سيقدمون لاحقاً برنامجا غنيا من المحاضرات الأثرية، حيث سيقدم في هذه المحاضرة الدليل السياحي والباحث جميل القيم يتناول فيها الحضارة الإسلامية في الأندلس..
التالي