عندما نقول “للمرة الأولى” فنحن هنا لا نقصد الكتلة المالية التي تم رصدها للمنحة التي نص عليها المرسوم التشريعي رقم “5” لعام 2023 والمقدرة بـ 368 مليار ليرة سورية، ولا بقيمتها البالغة 150 ألف ليرة، ولا بمظلتها التي شملت العاملين في الدولة من المدنيين والعسكريين وأصحاب المعاشات التقاعدية .. وإنما بعدد المنح التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد خلال الأعوام المالية الثلاثة الماضية والتي وصلت إلى ست منح، سبقها وتخللها زيادات في الرواتب والأجور.
هذه المنح المالية الست ” آخرها المرسوم التشريعي رقم ٥ لعام ٢٠٢٣ والمرسوم رقم ٤ لعام ٢٠٢٢” وما رافقها من زيادات للرواتب والأجور، ما كان لها لتتحقق وتصرف في هذه الظروف الاستثنائية “حرب ـ حصار ـ عقوبات ـ مقاطعة ـ زلزال ..”، لولا الحراك الاستثنائي وغير المسبوق للأذرع التنفيذية المالية التي نجحت في الآونة الأخيرة، ليست فقط في تحصيل واسترداد جزء غير هين من حقوق الخزينة العامة للدولة “المهربة والمتهربة والمنهوبة”، وإنما تمكنت أيضاً من نسف كل ما يمكن نسفه من حالات النشاز والاعوجاج والشللية التي كانت “حتى يومنا هذا، ولكن بنسب أقل” السبب الرئيس والمباشر في خلق مورثات سلبية مشوهة، وتحويلها إلى لعنة حلت على شريان واردات خزينتنا، وحدت وبشكل كبير من سرعة دوران عجلة خططنا ومشاريعنا الحيوية والمهمة ” الاقتصادية والخدمية والصحية …”.
ما يجري حالياً ما هو إلا حلقة في سلسلة
تحركات الدولة لتحصيل كل ليرة من حقوقها وتحويلها إلى الخزينة العامة ووضعها في خدمة البرامج التنموية الشاملة التي تسهم في تحسين
معيشة المواطن وتأمين الخدمات الأساسية وتوفير السلع الضرورية له، من خلال وضع كل قرش في مكانه الصحيح والمفيد، بالشكل الذي تعود معه “الزيادات والمنح ” بالنفع والفائدة على المستحقين والمستهدفين الحقيقيين.
نعم، كتلة المنح والزيادات ليست ذات أثر كبير على الكتلة النقدية الموجودة في الأسواق “حسب رأي اقتصاديين مختصين” ولا تقابلها زيادة حقيقية في الأسعار، خلافاً لكل محاولات الغمز والهمس التي يتفنن البعض بالترويج لها وإلصاقها زوراً وبهتاناً بها، لكنها داعمة بشكل أو بآخر لأصحاب الدخل المحدود الذين يترقبون استنفاراً تموينياً من العيار الثقيل، وحراكاً لا قبله ولا بعده لإحكام قبضتها الفولاذية على مؤشر الأسعار، وضبط الأسواق، وتفويت كل فرصة أو محاولة لتسجيل أي حالة فلتان سعري، أو شطط، وقطع الطريق نهائياً أمام “أرباب السوابق” من محتكرين وسماسرة ولصوص أزمات وتجار وباعة، لإفساد وسرقة فرحة أصحاب الدخل المحدود جداً بعيد الفطر السعيد من جهة، وبالمنحة من جهة أخرى.

التالي