تعددت هويات المخافر التي حاربت سورية وكذا أدواتها وأسلحتها، والبرمجة كانت من غرفة العمليات الوحيدة المنشأ، أميركا التي صبت جام غضبها على سورية.
لم يكن الأمر مصادفة أو رد فعل، ضد سورية، بل لأنها كانت آخر جبهة واجهت الفيض المترع من الأوامر التي تنحني لها الرقاب الحاملة رؤوساً كأسنام الشياطين، تنفذ الأوامر الأميركية التي تعددت أساليبها في إنهاء وإنهاك الدول العربية وجعلها تدور في فلكها.
لم يكن الأمر محض مصادفة تطفو على السطح كزبد البحر بل كان نتاج موج عاتٍ بدأ ارتفاعاته من ثمانينيات القرن الماضي، مع فوكو ياما وهنتغتون، ومؤلفاتهما، الانقلابية على مسارات حياة الشعوب وكأنهما يملكان قرار نهاية العالم والقيامة.
سيّدوا هيمنة الاقتصاد على السياسة وأفسحوا الساحة للحروب الباردة، ونصبوا أسلحة جديدة باعتماد الإعلام وتوظيف أدواته الحديثة لتسليطها على رقاب الشعوب، حيث إغراء البصيرة بالصور البصرية، والمنطوق المدروس بحرفية، ما جعلاهما أمضى من الأسلحة التقليدية، ليكون الإعلام المخفر المتقدم في الحرب على سورية خلال العقد الماضي، وكانت وسائل دفاع الإعلام السوري في بداية تناميها، لذا استُهدف مع الساعات الأولى في الحرب على سورية، حيث نال نصيبه من استشهاد البعض، واختطاف البعض الآخر، واستمر ذلك حتى الساعات المتأخرة من خبو نار الحرب، كل المخافر التي وظفت ضد سورية بأشكالها المتعددة اهتزت بفعل الزلزال المدمر الذي ضرب سورية.
تراه جاء لتصحو مع اهتزازه الألباب والقلوب، وتعاد دراسة بقاء المخافر أو تفكيكها، نصبت تلك المخافر حينها على اختلاف الحدود السورية، مسرباً للإرهابيين أسلحتهم.
دمشق اليوم تعود إلى دورها العربي فالفتح منها يبدأ، والعالم الجديد تنشر شمسها ملامحه، ومن ذراها يزهر الياسمين.. أسطورة شعبها دحرت فوكو ياما وهنتغتون. من وجه وجهه شطر سورية فهو آمن في بلاده وبين شعبه لأنها أمثولة الحياة.