ديب علي حسن:
ربما يكون الابداع أكثر المحاولات ثباتاً وبقاء لمواجهة الموت بدءاً من رسوم الكهوف إلى ما يستجد كل يوم.. والمبدعون هم الأكثر حساسية وقدرة على التقاط الزمن والشعور بوطأته وما يتركه من آثار…
منذ أبي الطيب المتنبي الذي ألف حتى شيبه ولو فارقه لكان موجع القلب باكياً..
إلى بدوي الجبل الذي قال: أتسألين عن الخمسين ما فعلت..
يبلى الشباب و لا تبلى سجاياه..
أما الشاعر الأخطل الصغير فكان الأكثر حسرة على ما فات من العمر وتدل الأبيات التي قيل إنها آخر ما كتبه على جرح الزمن:
اليوم أصبحت لا شمسي ولا قمري
من ذا يغني على عود بلا وتر
ما للقوافي إذا جاذبتها نفرت
رعت شبابي وخانتني على كبر
كأنها ما ارتوت من مدمعي ودمي
ولا غنتها ليالي الوجد والسمر.
وإذا كانت شكوى الشاعر من التوقف عن الإبداع الشعري.. فهل الأمر هو ذاته عند الكاتب والناقد أم أن الأمر مختلف إذ تكون التجربة قد نضجت وازدادت خبرته على عكس الشاعر والروائي الذي يحتاج تجربة الحياة بكل ما فيها لتتقد جمرة الإبداع..؟
يبدو فعلاً أن الأمر مختلف تماماً فكثير من الكتاب نضج عطاؤهم الفكري بعد مراس العمر.. وهنا نشير إلى تشومسكي مثلاً وإلى سكينر عالم النفس المعروف وطه حسين وفاخر عاقل وعبدالله عبد الدائم وعبد الوهاب المسيري وعمر الدقاق وفؤاد مرعي وعبد الكريم الأشتر.. والقائمة طويلة..
ويبقى السؤال: هل هذا خوف من الموت أم أنه النضج الفكري.. أسئلة يغوص فيها علم النفس الابداعي من خلال التقاط شذرات الحوارات ونفثات ما قاله هؤلاء..