افتتاحية الثورة- بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:
من المفارقات المثيرة للسخرية أن الإدارات الأميركية المتعاقبة، ومنها بالطبع هذه الإدارة برئاسة جو بايدن، تزعم دائماً أنها الحامي لحقوق الإنسان في العالم، والمدافعة عن الشعوب، والناصرة لقضاياها، والتي تقدم المساعدات الإنسانية لمن يحتاجها، مع أنها الدولة رقم واحد في المعمورة التي تسرق ثروات الشعوب، وتعاديها وتدمرها وتحاصرها، وتنتهك حقوق الإنسان في داخل أراضيها وخارجها، وكل ذلك تحت شعارات الأخلاق والإنسانية.
ولنا في ما ترتكبه من جرائم بحق السوريين خير مثال، فمنذ تأسيسها لما سمي “التحالف الدولي” بزعم محاربة الإرهاب في سورية، وواشنطن تروج للعالم أنها قدمت بقواتها إلى الجزيرة والشمال لنصرة السوريين وحماية منشآتهم النفطية من السرقة، وإذ بها تدمر مدنهم بطائراتها، وتقصف المدنيين بالأسلحة المحرمة، ومنها الفوسفور الأبيض، وتقتل الأبرياء، وتسرق النفط والثروات.
لا بل إن أكثر ما يثير الاستهجان أن واشنطن تدعي أن قواتها المحتلة تتمركز قرب منابع النفط لحمايته من “داعش” في حين تشير الحقيقة إلى أنها تسرقه نهاراً جهاراً، وتنقله يومياً إلى شمال العراق لتكريره ثم إلى تركيا لبيعه، ودعم ميليشياتها الانفصالية “قسد” بثمنه، فتفقر الشعب السوري وتطيل معاناته، وتحرمه من ثرواته، لكنها تؤكد للعالم في نهاية المطاف أنها قرصان وقاطع طريق قدم بثوب المؤمن الزاهد الحريص على حقوق الشعوب.
عنوانها إذاً حماية النفط من السرقة، ولكنها هي التي تسرقه، ورغم أن كذبتها هذه باتت مفضوحة للقاصي والداني، فإن السؤال الأهم هنا: من طلب منها القيام بتلك الحماية المزعومة؟ ومتى سمحت لها الحكومة السورية بذلك؟ ومتى أجاز لها القانون الدولي أساساً ذلك؟
باختصار يتجاهل ساسة البيت الأبيض أنه لا يحق لهم التصرف بالثروات السورية، ولا حتى حمايتها، فالقانون الدولي لا يسمح بذلك، بل يصف ما يجري على الأرض بشكل دقيق بأنه “سرقة موصوفة”، وعلى من يقوم بتلك السرقة والقرصنة التوقف عن فصولها فوراً، وتعويض السوريين عن كل برميل نفط تمت سرقته، وما يسمى “حماية النفط” لا محل لها من الإعراب في قواميس السياسة والقانون الدوليين، ولا بدفاتر السوريين، لأن تلك الحماية باطلة أساساً، فالدولة السورية صاحبة الحق والسيادة على الأرض لم تطلب من واشنطن، ولا من سواها، القيام بمثل هذه المهمة.
ما يثير الاستهجان أيضاً، أنه رغم هذه القرصنة الموصوفة فإن المنظمات الأممية وفي مقدمتها الأمم المتحدة تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه الجريمة، فلا قرارات، ولا إدانات، ولا حتى المطالبة بالكف عن سرقة السوريين وتجويعهم وإنهاء سلسلة الحصار والعقوبات القادمة تحت ما تسميه واشنطن “قانون قيصر” وما فيه من القوانين الدولية بشيء.
هكذا تستمر واشنطن بسرقة نفطنا، وتسهّل لأدواتها الانفصالية مثل “قسد” والمتطرفة مثل “داعش” عمليات نهبه، وكل ذلك تحت رايات مكافحة الإرهاب المزعومة، ولا يدري أحد في هذا العالم ما علاقة هذه المحاربة بسرقة الثروات؟
أخيراً توثّق مؤسساتنا السورية أرقاماً صادمة لتلك السرقات، وتقول بأن خسائر سورية تجاوزت الـ 100 مليار دولار، إما بشكل مباشر عن طريق السرقة، وإما بسبب تدمير المنشآت النفطية ونهب تجهيزاتها، وبعد كل هذا يخرج من البيت الأبيض من يحاضر بالأخلاق والإنسانية والقانون الدولي، وربما سيخرج هؤلاء لاحقاً ليطلبوا منا شكرهم وامتنانهم لأنهم “حموا” نفطنا من السرقة!.
رئيس تحرير صحيفة الثورة