بسواعدهم نبني ونعمّر
افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:
للأول من أيار، عيد العمال العالمي، دلالاته ورمزيته، فرغم أن العالم كله اتفق على الاحتفال بهذا اليوم تقديراً لعمال أميركا الذين انتفضوا ضد أرباب العمل الذين يستغلونهم، وعمت إضراباتهم ولاية شيكاغو عام 1886، وتمكنوا من نيل حقوقهم، إلا أنه بات بعرف الشعوب جميعها يوماً للمطالبة بحقوق عمالها ورعايتهم، والعمل على توفير الراحة لهم، ومنحهم حقوقهم كاملة، وبالمقابل بات يوما للحض على العمل والبناء.
وفي سورية، ومنذ أن عقدت قيادات الحركة النقابية السورية مؤتمراً في دمشق عام 1938 وحتى يومنا، فإن عمالنا كانوا وظلوا على الدوام ركيزة بناء بلدنا وإعماره، وصناع مجده وبنيانه، وبذلوا الغالي والنفيس من أجل صموده بوجه المعتدين، واسترخصوا دماءهم الطاهرة في كل محطات القتال ضد المحتلين، حتى يحيا أبناء وطنهم بأمان، واستشهد الكثير منهم أثناء قيامهم بواجبهم الوطني والإنساني والاجتماعي، واستمر إنتاجهم في العقد الأخير، الذي شنت فيه أميركا وأدواتها الحرب الإرهابية على سورية، رغم تدمير معظم معاملنا ومنشآتنا.
ورغم الحصار الجائر والعقوبات الظالمة، التي أدت إلى قلة الموارد وضعف الإمكانيات، ورغم سرقة ثرواتنا النفطية والزراعية من المحتلين الأميركيين والأتراك وأدواتهم الانفصالية مثل “قسد”، والإرهابية المتطرفة مثل “داعش والنصرة” وأخواتهما، إلا أن عمالنا كانوا جنوداً حقيقيين يؤمّنون للوطن حاجته، وكانوا بحق الجيش الذي يعمل ويعمّر ويدافع بآن معاً، كي تعود سورية أقوى مما كانت.
وبهذه الصورة بات عمالنا مصدر قيمة العمل العليا، وباتوا ينظرون إلى المستقبل بأمل كبير لتحسين أوضاعهم، وهم أكثر تصميماً على استمرار عجلة الإنتاج بالدوران، وبهم يكمل السوريون اليوم مسيرة البناء لضمان حاضر ومستقبل أفضل لأبنائهم.
لقد تجاوزت الأحداث في الأول من أيار أسوار أميركا، وبلغ صداها كل عمال العالم، تضامناً مع الأبرياء الذين واجهوا الرأسمالية المتوحشة، والتي مازالت تفتك اليوم بالبشرية عبر قوانينها “الليبرالية” الجديدة، وعمالنا مثلهم مثل عمال العالم الآخرين يواصلون الليل بالنهار، ليعيشوا بكرامة، ويقاوموا أصحاب تلك القوانين الليبرالية المنفلتة من كل عقال.
وهم اليوم على العهد الذي قطعوه على أنفسهم، وعنوانه المزيد من الجهد والعمل والمثابرة، فمرحلة إعادة الإعمار بحاجة إلى سواعدهم وخبراتهم وجهدهم، وقوانين “قيصر” المزعومة وغيرها من إجراءات الحصار، لن تزيدهم إلا إصراراً على مواجهة كل أنواع الحروب الاقتصادية، وكما يؤدون واجبهم الوطني فإن على الحكومة ومؤسساتها دعمهم الكامل في هذه الظروف الصعبة لسد الفجوة بين الأجور والأسعار التي ترهقهم اليوم، مع كل الأمل والتفاؤل بغد أفضل.