عمار النعمة:
هل يسأل صنّاع الدراما أنفسهم فور صدور أي عمل إبداعي هل كان الحصاد وفيراً وهل يعادل ما بذلوه من جهد وتعب ؟.
من المؤكد أنه منذ سنوات عديدة ونحن نسمع عن تراجع الدراما تارة، وعودتها إلى الصدارة تارة أخرى، بيد أن هذا العام ورغم غزارة الإنتاج لم تكن موفقة بالشكل المطلوب رغم الجهود المبذولة من صناع الدراما، وهنا نذكر المثل الشهير للأديب العالمي برناردشو حين سئل عن رأيه بالرأسمالية أشار إلى رأسه ولحيته قائلاً:حال الرأسمالية كحالي: (غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع) .
وحالنا مع الدراما السورية التي نشاهدها الآن ليست خارج الحالة السابقة فالكثير من الأعمال وفي طالعها (البيئة الشامية) مستنسخة بنصوص معدّلة وحبكات جديدة لاتخلو من العداء والشتائم، بالإضافة إلى غياب الكوميديا نوعاً ما عن المشهد الدرامي، وبالتالي لم يعد غريباً أن نرى أبناءنا يجلسون ساعات أمام التلفاز يتابعون مسلسلات رمضانية تستحوذ على كل اهتمامهم وعواطفهم والأخطر حينما يصبح هؤلاء ميالين بصورة تلقائية للتعاطف مع أدوار الشر والعداء وإيجاد مبررات عديدة لها .
وإذا ماتوسعنا في الحديث فهناك أعمال نالت الحصة الأكبر من الأحاديث والشهرة فمثلاً مسلسل (الزند) إخراج سامر البرقاوي حصد مشاهدات كبيرة ولا شك أن العمل يحمل في طياته قصة مهمة والكثير من التشويق والإثارة، أما أداء الممثلين فقد كان بارعاً، ولكن في المقابل ثمة أخطاء ومشاهد هوليودية مبالغ فيها لدرجة يمكن القول عنها أنها تستخف بعقل المشاهد، ناهيك عن الإضاءة المظلمة في معظم الأحيان، وقد يقول أحد أن المرحلة تتطلب ذلك وأنه لايوجد كهرباء، لنقول أن العشرات من المسلسلات التي صورت في زمان بعيد جداً كانت جيدة ومريحة للعين والمشاهدة والأمثلة على ذلك كثيرة .
اللافت على مواقع التواصل وبعض وسائل الإعلام أن هناك ظاهرة منتشرة بشكل كبير وهي ظاهرة النقد الذي يحمل وجهين : إما المديح، بمعنى تقديم المبدع بصورة خيالية على كافة الأصعدة، والثانية التجريح بأداء الفنان وقيمة العمل وتقديمهم على أنهم لايملكون شيئاً من الإبداع، وأنّ ما قدموه ليس سوى ركام سينتهي بنهاية شهر رمضان .
لاشك أن الحالتين، مرفوضتان، ويبقى النقد البناء المستند لرأي موضوعي وحقيقي هو الأحق.
اليوم مع فورة الإنتاج الدرامي وغزارة الأعمال لم يعد المتابع قادراً على التنبؤ بما سيقدمه الكتاب والمخرجون، فأمام مانراه من بعض الأعمال نستطيع القول إن الكثير من الكتّاب ليس لديهم من الأفكار والمقولات إلا الأكثر تكراراً واستنساخاً وابتذالاً .. لا يخرجون منها بقضية أو فكرة أو إجابة عن أسئلة كثيرة تدور في ذهن المشاهد فيقدمون أشياء قد لا يكون لها طعم أو لون فتكاد تشعرك أنك مستلب من قبل الآخر الذي لا يريد منك إلا أن تتسمر أمام الشاشة ويأتوك بذرائع لا تنتمي إلى الاأدب والثقافة والفكر.
والسؤال إلى أين وصلنا، هل علينا مواصلة التغني بماضي الدراما، نعم ، ثمة ذكريات رمضانية تختزنها عقول المشاهدين لانريد أن ننسى من خلالها الزير سالم والفصول الأربعة ويوميات مدير عام وأحلام كبيرة والظاهر بيبرس … الخ …
إنه الحنين لأعمال خالدة في قلوبنا كان هدفها توصيل رسالة إيجابية ممتعة ونحتاج إليها اليوم في فورة الإنتاج الذي بات ينسج ويفصل الأعمال والشخصيات تجارياً أكثر مماهي إبداعياً ..
إنه الحنين !!