الثورة – ديب علي حسن:
تمسك هاتفك المحمول أو تجلس قرب شاشة التلفاز أو تتابع من وراء الحاسوب وأنت مسرور تظن نفسك وقد امتلكت العالم تصول وتجول وتزهو بما تملكه من تقنيات ولكن هل حقاً نحن نمتلكها أم هي تفعل ذلك ..؟
في التطور الهائل الذي جرى منذ عقود ويزداد كل ساعة في القدرة التقنية على الوصول إلى العقول عبر وسائل الميديا الحديثة لم يعد الأمر نزهة ولا رفاهية ..
صحيح أنها إنجازات تقنية لكنها سلاح الفتك الشامل الذي يستهدف العقل والجسد معًا ويحطم الدول دون حروب مباشرة
لقد برع الغرب في ذلك وهذا ما يناقشه كتاب ..سلاح الحرب الإعلامية السري الهجوم على الوعي ..تأليف: ف.ف. بروكوفييف .ترجمة : د. برجس أبو حسين ..صدر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب.
يقول س.ب.
«نيبوبيديمي» في تقديمه للكتاب
حققت البشرية أعظم النجاحات في العلوم والتكنولوجيا في القرن العشرين الذي سيدخل في التاريخ كونه قرن الحروب الأكثر دموية ودماراً شاملاً للناس. إذ أن أفضل العقول على كوكب الأرض عملت آنذاك على تدميرها الذاتي عوضاً عن مواصلة تطوير العلوم وظهرت ثمار أعمالها في أنواع مختلفة من أسلحة الدمار الشامل (الكيميائية والبتريولوجية والنووية الحرارية وما إلى ذلك) القادرة على تدمير البشرية مرات عدة.. وفي الآونة الأخيرة يضاف إلى هذه القائمة أكثر فأكثر السلاح الإعلامي الذي يحمل تهديداً للنفس البشرية جراء تأثيره العنيف عليها.
ولسوء الحظ الشديد فإن تهديد نفسية الفرد بالعنف الذي يوصف بوضوح في كثير من روايات الخيال العلمي والروايات البوليسية أصبح حقيقة واقعة أكثر فأكثر وما تزال التقنيات الإعلامية الحديثة والمتلاعبون بالوعي الإنساني الذين يقفون خلفها يقتحمون بقوة الحصن المنيع للحرية الإنسانية(القدرة على التفكير بحرية).
ومثل هذا التهديد لا يمكن أن يضاهى حتى بالتهديد العسكري من حيث الأهمية.. وفي المجال العسكري يمكن الرد بتدبير يتناسب مع كل تحد جديد..ويتحدث عن قدرة الاتحاد السوفييتي حينها على ابتكار السلاح المضاد ولكن هذا لم يكن ليكفي إذ تم إهمال الجانب الأهم هو الحرب الإعلامية القذرة التي يشنها الغرب عليه وعلى العالم.
روبوتات بيولوجية ..
وهذا السلاح الذي هو الإعلام تجري من خلاله السيطرة على أفكار الناس، توجيه رغباتهم وتشكيل رؤيتهم الكونية وفرض حل محدد عليهم وتحقيق الأهداف من دون عنف مرئي من خلال هذه القوة المحركة الرئيسة للظهور المحتمل للسلاح الجسدي النفسي وكوسيلة مثلى لتحقيق مخططات كراهية الناس لبعض السياسيين والاستراتيجيين ..ويمكن ملاحظة الخطر على المستوى العالمي خلف الأهداف المحلية لهؤلاء الأفراد في تحويل شعوب بأكملها إلى روبوتات بيولوجية مطيعة تقوم بتنفيذ رغبات أسيادها من دون تفكير..
بدوره يرى المؤلف ؛ أن التقنيات المتلاعبة فتنسب على أنها إنجاز إعلامي نفسي للقرن العشرين ارتبط ظهورها بعولمة وسائل الإعلام الجماهيرية، ومع تطور إضفاء الطابع المعلوماتي على المجتمع ..ازداد تأثير تلك الوسائل على تكوين وجهات نظر متنوعة بين الناس حول مختلف العمليات والظواهر السياسية والاجتماعية وحول الأحداث على المستويين الدولي والمحلي وحول تكوين وجهات نظرهم عن القادة السياسيين والحزبيين وعن مسؤولي الصف الأول في الدولة، وتشمل مجموعة التقنيات القذرة: التضليل والأكاذيب وتزوير الحقائق وتحريف محتوى الرسائل والتصرفات والأفعال وتأكيد السلبيات كتمان الجوانب الإيجابية للمشكلة وتعاقب المعلومات الصادقة مع الكاذبة.
وهذا كله تحت شعار حق المجتمع في الحصول على المعلومة.
الكتاب بحث جديد مهم ومعمق يغوص في تفاصيل نفسية وجسدية من خلال معطيات العلم التي تكشف عن تأثير أيضاً الإشعاعات التي تبثها الدول المستخدمة لهذه التقنيات التي يسميها القذرة.
إنها حرب الإعلام.. والأقوى اليوم هو من يملك ويوجه هذه التقنيات التي تستغل اللاوعي لتحولنا إلى قطيع هائم يقوده الغرب إلى المرعى ثم المذبح.
السابق