خميس بن عبيد القطيطي- كاتب من سلطنة عمان:
قد يعزا العنوان إلى أمر غريب، ولكنه حدث شاهده الملايين لغراب يقف على عمود كهرباء ويمزق علم الاحتلال الإسرائيلي، وكأنها سنة الحياة التي تؤكد غروب الغزاة والمحتلين.
ولم يكن من قبيل الصدفة عبر التاريخ أن يتشاءم الكثيرون حول العالم من “غراب البين”، والذي ورد حتى في كثير من الأدبيات العربية الدالة على الشؤم، وها هو مشهد الغراب وهو يمزق علم الكيان الإسرائيلي.
وبعيداً عن هذا المشهد نحاول هنا البحث في معطيات الواقع الصهيوني، والتمزق داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي يقابله أيضاً عناصر التقدم الفلسطيني لوضع النقاط على الحروف بإعلان نعي لكيان الاحتلال كما أراده الغراب الذي علم بني آدم من قبل كيف يواري سوءة أخيه بدفنه في التراب بعد الموت، واليوم يبدو أنه أراد تعليم الصهاينة أن عاقبة إجرامهم باغتصاب أرض الغير والترهيب والمذابح التي يعف القلم عن ذكر بشاعتها كما حدث في مذبحة دير ياسين التي مرت ذكراها الـ (٧٥) في الرابع من نيسان الماضي.
هناك أحداث متسارعة اليوم على الساحة الفلسطينية تستقبل مشروع التحرير وتؤكد أن العدل على حساب الظلم والعدوان هو آت لا محالة وبات قريباً، فجيش الاحتلال الذي كان يسمى “الجيش الذي لا يقهر” يقف عاجزاً أين يتقدم أو يتأخر هل في الشمال؟ وما هو حجم الرد المقاوم؟ أم بالجنوب؟ وهو يدرك أن ما بعد سيف القدس ليس كما قبله فهناك صواريخ العزة والكرامة التي تنطلق وفقاً لسياسة رادعة مجدولة بدقة في غرفة عمليات مشتركة، أم أنه يفتح النار على مختلف الجبهات وهذه هي المصيبة الكبرى عليه عندما تتوحد الساحات وقد جرب كيها و”من جرب الكي لا ينسى مواجعه.. ومن رأى السم لا يشقى كمن شربا”، إذن هناك حسابات صهيونية ملتبسة ومرتبكة وممارسات تعبر عن ضيق أفق لهذا العدو وحكومته اليمينية المتطرفة.
وها هو الشهيد البطل خضر عدنان يترجل بعد اغتيال صهيوني في وقت دقيق للغاية وقد رسم الشهيد حالة فلسطينية مشرفة سجلت في تاريخ النضال والمقاومة “معركة الأمعاء الخاوية” بعد أكثر من (١٠) اعتقالات منذ عام ١٩٩٧م وحتى يوم رحيله أمس ٢ أيار ٢٠٢٣م وما يعنيه هذا التوقيت في ذاكرة القضية ومتلازمة تاريخهم المشؤوم.
اليوم وافق انطلاق صواريخ غزة مع استهداف سيبراني كبير للقبة الحديدية وفشلت في اعتراض الصواريخ وفي ذات الوقت رسالة شؤم أخرى حول مدى التقدم الفلسطيني وتراجع أدوات العدو التي يعول عليها، إذن كل تلك الأدوات من قبب حديدية وجيش مهزوم وروح معنوية هابطة وانقسام داخلي يزداد كلما تقدم الوقت قابله إضاءات عظيمة للمقاومة، ولم نستغرب هنا تصريحات حكام الكيان الصهيوني حول خطورة الوضع “الإسرائيلي” في هذا التوقيت فغروب شمس كيانهم آت لا محالة.
اليوم نقف في لحظة تاريخية وما أدراك بالمتغيرات الكبرى القاصمة لظهر العدو هل تأتي من الانقسام أم من صواريخ بعيدة المدى أم من صواريخ قريبة أم من عدة جبهات مقاومة أم تشترك جميع المعطيات في ظل متغيرات سياسية عالمية وإقليمية، وبالتالي فإن تكرار مشهد الغراب لا يمثل مشهداً عابراً عندما تفرض المعطيات نفسها على أرض الواقع وهنا نذكر بما قاله بعض حاخامات بني صهيون حول عقدة الزوال لكيانهم، وما أكثرها.
نذير الشؤم ينعي كيانهم الذي قام على الظلم والعدوان، فقد ارتكب الصهاينة الجرائم المروعة بحق الفلسطينيين، بقتل الأطفال والنساء والكهول في مجازر جماعية، ولا بد أن تنتهي فصول الجريمة لأن الحق أقوى من الباطل، رحم الله شهداء فلسطين الأبرار وأعز الأبطال المقاومين ونصرهم على الصهاينة الظالمين وحرر أسرانا البواسل الذين ضربوا أروع الأمثال في الفداء.
* المقال ينشر بالتزامن مع صحيفة الوطن العمانية ورأي اليوم