الثورة – حسين صقر:
في محراب الشهادة تقف الكلمات عاجزة عن وصف فضائل الشهداء، لأن التضحيات التي يقدمونها لن تصفها الكلمات، لأن أهميتها تبدأ من كرامة الوطن واستقلاله، ولن تنتهي.
ولأجل ما سبق يحيي السوريون وأشقاؤهم في لبنان عيد الشهداء الذين ارتقت أرواحهم إلى السماء في السادس من أيار عام ١٩١٦ على أيدي المحتل العثماني، لتبقى ذكراهم عيداً لملاحم البطولة والتضحية التي قدمها أولئك الشجعان على مذابح الحرية، ووقفة عز وفخار نستذكر عبرها تاريخ رجالات بلادنا بالتضحية والفداء من أجل إعلاء كلمة الشعوب وصون عزتها وكرامتها.
فالشهيد الذي ضحى هو فرد من كل عائلة سورية، وتلك العائلة لاتتوانى عن تقديم المزيد من الشهداء في تأكيد للعطاء والوطنية، وهذا العطاء هو سر صمود شعب سورية الأبي على مر العقود في وجه الغزاة والطامعين.
وذكرى السادس من أيار، لاتزال مترسخة في وجداننا، رغم مرور قرن ونيف عليها، وصدى الأهازيج الشعبية الجميلة التي أُطلقت بعد إعدام شهداء الواجب في ساحة المرجة تصدح في سماء الوطن، وتتردد باستمرار كتعبير عن حضور المكان في الذاكرة الشعبية، وحضور ذكرى شهدائنا الأبرار الذين قضوا على يد ذاك المحتل.
و السادس من أيار سيبقى مناسبة وطنية في سورية ولبنان، نستذكر فيها كل عام أحكام الإعدام التي نفذتها السلطات العثمانية بحق عدد من الوطنيين السوريين في دمشق وبيروت بعد توجيه الاتهامات الظالمة ضدهم.
فالاحتفاء بالشهادة لايقتصر على يوم في العام، وإنما هو حاضر في حياتنا باستمرار، ونحن شعب تميز بهذا النوع السامي من التضحية.
فلتطمئن أرواح شهدائنا الأبرار لأن أحفادهم يرفعون الراية ذاتها، اليوم ضد الإرهاب الدولي المنظم الذي ترعاه أميركا وإسرائيل و قوى الهيمنة والصهيونية.
الشهادة كانت ومازالت تقليداً راسخاً في ثقافة الشعب العربي السوري العظيم وأبناء العروبة الشرفاء، وهي مكون أساسي في ثقافة المقاومة، حيث لا يمكن قهر شعب هذه هي تقاليده حتى لو اجتمعت قوى العدوان والإرهاب كلها ضده، ولهذا يوجه السوريون على امتداد ساحات الوطن أسمى آيات الإجلال والتقدير إلى أرواح الشهداء، لأنهم مشاعل النور في طريق الحرية، ويجددون كل عام العهد والوعد للاستمرار في المسيرة المظفرة والمنتصرة على منظومة العدوان تلك.
اليوم يحتفل السوريون وهم يمزجون الاستذكار بالماضي المجيد بحاضر العزة والفخار لأن شهداء اليوم رفضوا تسليم بلادهم للإرهابيين.
شهداؤنا الماضي والحاضر، هم من رفعوا راية الوطن عالياً، و امتزجت دماؤهم الزكية بثرى الوطن الطاهر فأنبتت ياسمين العزة والفخار، وأزهر ورود الاستقلال.
