الثورة – غصون سليمان:
سبعة النصر بعد المئة.. تاريخ متمدد على عرش الشهادة، وأسطورة حياة خالدة صنعها الأباة.
مخاض وطني لم يكن من السهل عبور معاركه المعقدة والصعبة مع عدو ومحتل عثماني حاقد، لم يورث أمة العرب غير الجهل والتخلف والقتل والخراب.. فكل دقيقة من عمر الزمن السوري يدون فيها الحبر ويوثق في الذاكرة أن أبطالنا مروا من هنا، وأعداءنا خذلوا ودحرو هاهنا في كل شبر من خرائط الجغرافية وأعمدة التاريخ.
ورغم كل سياسات التتريك وغيرها، بقيت الرؤية الوطنية صاحية و الهدف واضح عند قادة النضال ورجال الفكر من غير المحاربين الذين كانوا منارة العمل والمحفز الأول للتطلع إلى الحرية والانعتاق من سطوة المحتل العثماني لقرون من الزمن.
حيث لم تستطع عصبية فكره وبطش أدواته أن تقتل تلك النخوة والمروءة وجذوة الاستقلال وصون السيادة، التي يصبو اليها الشعب والمجتمع السوري وضحى من أجلها بالغالي والنفيس على مر التاريخ
فما بين ماضي الوطن وحاضره اختصرت عيون الشهداء مشهد النضال برمته لأن منبر الشهادة هو أعلى وأنبل المنابر وارقاها. ولعل الشهادة بما تعنيه من فكر وممارسة هي الأكثر إيلاماً للعدو الذي لاحول ولا قوة له تجاه الأرواح السامية التي ارتقت بحب وايمان وهي المدركة بأن لاخيار ثالث في مدارس النضال سوى الشهادة او النصر.. ولولا سلوك طريق الشهادة والاستشهاد لما أنجز النصر ولما دحر العدو..
وما صبيحة السادس من ايار عام ١٩١٦ حين أعدم فيها السفاح التركي كوكبة من رجالات الفكر والسياسة والأدب والثقافة في ساحة المرجة بدمشق وبيروت، إلا امتداد لمحطات النضال المتتالية واعواد المشانق التي حملت على أعمدتها قناديل النور استمرت بأشكال وأساليب مختلفة فالعدو واحد وان كان بأسماء ودوافع متعددة..
ولأن التاريخ يكاد يعيد نفسه فقد خاضت سورية مع جيشها وشعبها وقيادتها على مدى اثني عشر عاماً حرباً متعددة الأذرع لأخطبوط إرهابي عالمي، دعمه ووقف خلفه هو نفسه ذاك الاستعمار والعدو القديم الحديث من محتل تركي عثماني – غربي – إقليمي. الذي اختبر كل أسلحته الوحشية على التراب السوري ورغم كل ويلات الحرب العدوانية لم تستطع مشاريع التقسيم والهيمنة أن تغير وجه سورية النضالي، وأن تنال من عزيمة وإرادة السوريين.. فكانت قوافل الشهداء صباح مساء تزور كل القرى والمدن والبلدات السورية في جميع المحافظات، على إيقاع الزغاريد والتهليل ببركات الشهداء والذين لولا دماؤهم النقية الطاهرة لما أزهر عود في التراب المقدس ولارتفعت راية في سماء الوطن..
فإلى أرواح شهداء سورية الأطهار، إلى جيشها المنتصر، وشعبها الأبي، شعلة من ضياء الحق، ونبراس النور.. وكل عام والمجد للوطن.
