الثورة – ديب علي حسن:
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به فإنه أحمق بالحرص ينتحر..
ليس بيتا من الشعر وكفى بل هو فلسفة الحياة ومن الحياة كل شيء يكون فعل العطاء والخصب والإنماء، فلا استمرارية بلا سخاء وعطاء، وغاية العطاء أن يكون الفادي الذي قدم نفسه وروحه ودمه قربانا للوطن.. ليحيا يفعل ذلك ليس حبا بالموت إنما الشغف بجمال الحياة التي يجب أن تستمر ..
ومن أجدر منا – نحن السوريين – بهذا الفعل الذي لا يضاهيه فعل ولا مرتبة تصل عتبات مرتبته..
منا الفدائي الأول الشهيد الأول الذي ارتقى ليكون فداء ومخلِّصاً للبشرية.
اليوم في عيد الشهداء والشهادة وكل يوم هو عيد لهم ومنهم لانقف عند تخوم ذكرى، ولانستعيد أحداثاً وقعت وان كانت علامة فارقة في محطات النضال من أجل نيل الحرية والخلاص من المحتل العثماني.
إنما نحن نحتفي بحياتنا التي وهبنا إياها من قضوا في سبيل الكرامة والمبادئ..
الشهادة ذمة الذمم وقيمة القيم.. والشهداء هم أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر.. السادس من أيار صفحة واحدة من سفر نضال طويل طويل له ما قبله وما بعده، ولسوف يبقى منارات مشعّة عبر الدهر.
في كل بيت سوري ومن كل أسرة شهيد بل شهداء، الا ترى كواكب الأرض تمور في السماء.. لقد توهَّج العطاء السوري واتَّقد وما بخل أحد بروحه.
الحرب العدوانية التي شنوها على سورية كانت دليلاً ساطعاً على اننا – نحن أبناء الحياة – نريدها لنا ولغيرنا لكننا نريدها حرة كريمة.. ندفع عن أنفسنا الموت ونهبه أنفساً جبارة لتزهر مدننا وقرانا وكل شبر من أرضنا قناديل حرية.
لتزهر شجرة الحياة وهل هناك شيء أثمن من الحياة الإنسانية؟
الشهادة دين لنا وعلينا ومنا.. دين علينا لأن نحافظ على الوطن الذي افتدوه من أجل أن تبقى الهامات مرفوعة، ولئلا تستطيع خفافيش الظلام والوحوش الكاسرة أن تشوه جمال الوجود..
الشهادة هي أسمى فعل ثقافي وحضاري وإنساني لا يستطيعه أي أحد.. بل من كانت منزلته على الأرض تعانق السماء ومن هو في السماء كوكب للعالم كله.
الم يقل سليمان العيسى: عند الشهيد تلاقى الله والبشر..
ومن قبله بدوي الجبل: وغاية الجود أن يسقي الثرى دمه ويلقى الله ظمأنا..
ومن يلتق الإله وقد افتدى خلقه لهو الإنسان الأنبل والاسمى والأكمل.. لقد هوى نجم فارتقى كواكبا.. وخير المطالع تسليم على الشهداء أزكى الصلاة على أرواحهم ابداً.