الفوضى الحراقة وليس الخلاقة

قامت الولايات المتحدة الأميركية وتأسست على فكرة المغامرة، حيث شكل ما يطلق عليهم في اللغة السياسية الأميركية الآباء الأوائل البدايات الأولى لمجتمع أميركي يقوم على فكرة السطوة والسيطرة واقتلاع الآخر وإبادته إن لزم الأمر بهدف تحقيق الثروة والأثرة والتوسع والتمكن من الأرض الجديدة التي أصبحت عند البعض مملكة الفرص المتساوية على قاعدة القوة والعنف والتفوق.

هذه الامبراطورية الوليدة شكلت في يوم من الأيام الهدف والمقصد لكل طامح بالثروة أو هارب من العدالة أو باحث عن الحرية، وقد تكون هذه الثلاثية المتناقضة في أسبابها ومنطلقاتها هي التفسير الوحيد لواقع وطبيعة هذه الامبراطورية المترامية الأطراف التي تحمل من عوامل التكامل والتناقض الشيء الكثير، فبقدر ما تتحدث عن العدالة والمساواة كانت آخر من ألغى التمييز العنصري، وبقدر ما تتحدث عن الحرية وحقوق الإنسان نراها احتجزت منذ عقدين من الزمن في سجن غوانتانامو آلافاً ممن تطلق عليهم الإرهابيين دون أن تخضعهم للمحاكمة، وهي الدولة التي صممت عاصمتها واشنطن وشيدت على شكل مربع رمزاً للعدالة.

لقد شبه الصحفي المصري المعروف محمد حسنين هيكل رحمه الله أميركا بالعجلة أي الدراجة الهوائية التي ما إن تتوقف حتى تسقط بمعنى أنها امبرطورية لا تعرف الوقوف، فالتوسع في طبيعتها، والتوسع لم يكن فقط في حسابات المهاجرين الأوائل ومن التحق بهم من شعوب الأرض، وإنما تحول إلى ثقافة سياسية واستراتيجية قومية للساسة الأميركان ونخبهم وأحزابهم بل ويمكننا القول إنها أصبحت عقيدة استراتيجية يتبناها كل طامح بالوصول إلى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض بعيداً عن انتمائه الحزبي سواء أكان جمهورياً أم ديمقراطياً ما انعكس سلباً على صورة الولايات المتحدة الأميركية على المستوى العالمي وسبب لها كراهية غير مسبوقة جعل بعض نخبها الثقافية ومراكز الدراسات فيها تبحث عن اجابة عن سؤال إشكالي أقلق قطاعات واسعة من الشعب الأميركي، وهو لماذا يكرهوننا ؟

ولعل الإجابة عن هذا التساؤل هي في غاية السهولة لمن يبحث عن أسبابه ودوافعه حقيقة لا ادعاء، فالكراهية نتاج شعور وإحساس تجاه الآخر له أسبابه الموضوعية، وهي في الحالة الأميركية رد الفعل الطبيعي للسلوك السياسي الأميركي تجاه العديد من شعوب العالم وهو المتسم بالعدوانية والهيمنة والاستئثار والنظرة الدونية، وترسيخ فكرة الفوضى الخلاقة، والصحيح الفوضى الحراقة بدل الاستقرار البناء الفكرة والفلسفة السياسية التي تتبناها جمهورية الصين الشعبية وبعض القوى الناهضة في العالم التي تشكل اليوم الرافعة الأساسية لنظام دولي جديد يقوم على فكرة الشراكة وليس الاستئثار والهيمنة.

إن الولايات المتحدة الأميركية وفي ظل وضع دولي جديد فرضته موازين قوى لم تكن قائمة قبل ذلك مضطرة ومكرهة على إعادة النظر بمجمل استراتيجياتها الكونية إن أرادت أن تحافظ على مركز عالمي تجد لها مساحة فيه يتناسب مع حجمها الاقتصادي وقدرتها على أن تكون شريكاً عادلاً لدول العالم وشعوبه التي تسعى للتعاون من منطلق الحفاظ على المصالح المتقابلة لدول العالم، وسعيها لبناء شراكة حقيقية تستفيد منها جميع الشعوب على قاعدة العدالة والمساواة وحق الشعوب النامية التي نهبت خيراتها واستبيحت ثرواتها بفعل أشكال الاستعمارين القديم والجديد في أن تحصل على كل أسباب العلم والمعرفة والتقانة والدعم المادي والمعنوي لتجسر الهوة التي تفصلها عن دول العالم المتقدم دونما أي تدخل في شؤونها الداخلية وقرارها السيادي الوطني.

والحال أن عالماً جديداً يتشكل بقوة دفع ذاتي وإرادة لا تقبل الخضوع لأي قوة كانت، وهذا يستدعي من قوى الهيمنة ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية أن تعيد حساباتها وطريقةً تفكيرها السياسي لأن قواعد اللعبة الدولية قد تغيرت ولا عودة بعد اليوم للوراء.

 

 

آخر الأخبار
سوريا تستقبل العالم بحدث مميز تفاقم الانتهاكات ضد الأطفال عام 2024 أكثرها في فلسطين جناح وزارة المالية ..رؤية جديدة نحو التحول الرقمي خطوط جديدة للصرف الصحي في اللاذقية  رغيف بجودة أفضل.. تأهيل الأفران والمطاحن في منبج معرض دمشق الدولي.. الاقتصاد في خدمة السياسة قافلة مساعدات إغاثية جديدة تدخل إلى السويداء "دمشق الدولي".. منصة لتشبيك العلاقات الاقتصادية مع العالم رفع العقوبات وتفعيل "سويفت ".. بوابة لانتعاش الاقتصاد وجذب الثقة والاستثمارات سوريا تستعد لحدث غير مسبوق في تاريخها.. والأوساط الإعلامية والسياسية تتابعه باهتمام شديد سوريا تحتفي بمنتجاتها وتعيد بناء اقتصادها الوطني القطاع الخاص على مساحة واسعة في "دمشق الدولي" مزارعو الخضار الباكورية في جبلة يستغيثون مسح ميداني لتقييم الخدمات الصحية في القنيطرة معرض دمشق الدولي.. انطلاقة وطنية بعد التحرير وتنظيم رقمي للدخول برنامج الأغذية العالمي: المساعدات المقدمة لغزة لا تزال "قطرة في محيط" "المعارض".. أحد أهم ملامح الترويج والعرض وإظهار قدرات الدولة العقول الذهبية الخارقة.. رحلة تنمية الذكاء وتعزيز الثقة للأطفال وصول أول باخرة من أميركا الجنوبية وأوروبا إلى مرفأ طرطوس شهرة واسعة..الراحة الحورانية.. تراث شعبي ونكهات ومكونات جديدة