منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا تزال حتى الوقت الراهن تمارس دورها المنحاز وغير المهني في تعاملها مع ما يسمى “ملف الكيميائي” في سورية، خلافاً للأحكام والمعايير المنصوص عليها في اتفاقية الحظر، والتي تؤكد على ضرورة التزام الحياد والموضوعية والاستقلالية في عمل المنظمة، ما يثبت مجدداً أن القائمين على هذه المنظمة لا يعملون وفق أنظمتها وقوانينها المحددة، وإنما وفق أوامر وتعليمات بعض الدول المهيمنة على آلية عملها وقراراتها.
منذ ابتداع كذبة (الكيميائي) في سياق أساليب الضغط والابتزاز التي تمارسها واشنطن وشركاؤها الأوروبيون بحق سورية، ورغم ثبوت زيف تلك الكذبة بالشواهد والقرائن، إلا أن الدول الغربية، ولأسباب تتعلق بأجنداتها العدوانية، لا تريد إخراج هذا الملف من دائرة ألاعيبها السياسية وأضاليلها الإعلامية، وقد باتت منظمة الحظر كمسرح سياسي لتسويق هذه الكذبة، أحد الأسلحة المسمومة التي تستخدمها تلك الدول في حربها الإرهابية المتواصلة على الشعب السوري، وهذا ما تدل عليه حملات الضغوط المتواصلة التي تقودها (أميركا وبريطانيا وفرنسا) ضد سورية بمجلس الأمن، والتشكيك بتعاونها مع “حظر الكيميائية”.
التجاهل الأميركي والأوروبي المستمر لحقيقة تعاون سورية الكامل مع “حظر الكيميائية”، وتنفيذ الالتزامات المترتبة عليها بموجب انضمامها الطوعي للمنظمة، لا يفسره سوى حقيقة واحدة تتمثل بمحاولة الدول الغربية التستر على جرائم التنظيمات الإرهابية، حيث كل الأدلة والوقائع على الأرض، تؤكد بشكل قاطع بأن الإرهابيين المدعومين من تلك الدول هم من استخدموا الأسلحة الكيميائية مرات عديدة، والكثير من التقارير أثبتت امتلاكهم مثل تلك الأسلحة، التي زودتهم بها أميركا وتركيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الداعمة لهم، وسبق للحكومتين السورية والروسية أن قدمتا كمّاً كبيراً من المعلومات والأدلة والبراهين التي تثبت صحة ذلك، وقد سبق لمندوب روسيا الدائم لدى المنظمة الكسندر شولغين أن أكد قبل نحو عامين أن المنظمة تجاهلت 200 مذكرة حول استفزازات الإرهابيين، ولكن الدول الغربية تصر على تجاهل هذه الحقائق، لأنها بطبيعة الحال موضع الإدانة الحقيقية بهذا الشأن.
الدول الغربية ما زالت تبذل كل إمكانياتها لإبقاء “حظر الكيميائية” رهينة لقرارها، ومسرحاً سياسياً لتسويق أكاذيبها، الأمر الذي أفقد المنظمة مصداقيتها، وحولها لأداة، ولمنصة عدوان ضد الدول المناهضة للسياسات الأميركية، وهذا يحتم ضرورة توحيد الجهود الدولية لإلزام هذه المنظمة التخلي عن ارتهانها للدول الغربية، والعودة إلى دورها الطبيعي بأن تكون الحارس الأمين على تنفيذ اتفاقية الحظر، وهذا من شأنه أن يحفظ الأمن والسلم الدوليين.