وأنا أبدأ بكتابة العنوان انتبهت أنه ربما تبادر إلى ذهني لكثرة سماعي أغنية زياد الرحباني، ” بلا ولا شي” فلسفة الأغنية تقوم فقط على إحساس الطرفين بعيداً عن المجوهرات، بدون كل أنواع ثيابها، وكل شيء فيه تزييف، ومن دون أصحابها….
فلسفة التخلي عن الموضة الرائجة حالياً، الفنان زياد الرحباني، قدمها بسلاسة في أغنيته المبتكرة، بلا ولا شي، مع تلك الموسيقا التي يطغى عليها نقرات البيانو التي يفضلها زياد في أغانيه، تترافق مع إيقاع بسيط، حالة الانسجام في الأغنية كاملة تأخذنا نحو البساطة.
فلسفة الأغنية تشبه ما نحاول فعله اليوم، أن نتخلى، أن نتبع المبدأ الياباني “الكايزن” الذي يعتمد على إيقاف الهدر، ومفاهيمه الرائجة خاصة في مجتمعات خارجة للتو من حرب أثرت على مختلف تفاصيل الحياة، وأنتجت أزمات لا نهائية تحتاج إلى الاقتصار على أولويات الحياة دون أن يكون الأمر مجرد تعاط آني، بل يحتاج إلى طريقة تفكير تعتنق مجموعة مبادئ تساعد فعلياً على فكرة التخلي.
وقت معاناتنا الطويل، جعلنا نتمرن بهدوء على فكرة التخلي، وما أصبح اليوم مقبولاً، سابقاً كنا نتمسك به، ونرفض حتى النقاش في أمر تخلينا عن بعض المستلزمات حتى وإن لم تكن مهمة، والتي لطالما سلبت جهدنا، دون أن نكون فعلياً في حالة احتياج حقيقي لها.
اليوم صحيح أن الظرف الاقتصادي الذي نعيشه هو الذي يجبرنا على التخلي، لكننا في أوقات كثيرة، نتمنى لو أننا فهمنا تلك الفلسفة ونحن في عز أوقات رفاهيتنا، ربما حينها أدركنا في تفكير معكوس، ماذا يحدث إن لم نتقن فن التخلي عن كل ما من شأنه أن يفرقنا، ويمزقنا، ويقلل من قيمة ما كنا نمتلكه في ذلك الوقت، دون أن ننتبه الى أهميته، إلا بعد أن تلقينا أقسى الدروس وأصعبها.