في الطريق الدولي الذي يشقّ هضاب حمص وسهولها، في نية الوصول إلى الساحل السوري، تبدأ الرؤية والمخيلة تنسج تفاصيل وفصول حكاية جديدة مع ثوب أبيض “لسوريا العروس” التي خرجت للتو من ليلة زفافها، معلنة بداية وولادة جديدة، تتعانق فيها الطبيعة الساحرة مع تطلعات وطموحات شعب أزاح عن كاهله عصراً من المعاناة.
في المسير والمسار تخلع العروس ثوبها الأبيض مرتدية زيّها الأخضر الجديد، معانقاً ومتماهياً مع ألوان وطبيعة سورية الخضراء الغناءة، هنا تبدأ الطبيعة والجغرافيا السورية بالحديث والكل من حولها يصمت.. والكل لم يعد يستطيع الكلام.
أول ما يطلّ على ناظريك وأنت تقل وسيلة النقل على اتوتستراد حمص- طرطوس عنفات توليد الكهرباء، معلنة بدء فصول البداية مع كل ما هو جميل.. هضاب حمص الخضراء وسهولها تعطيك المقدمات الأولى للوصول إلى عرش الجمال.
رويداً.. رويداً يقطع المسير مناطق وقرى حمص المنتشرة على جانبي الطريق.. وفجأة يظهر الملك من فوق عرشه.. بكل هدوء، تحسبه في الوهلة الأولى لم يزل نائماً وما أن تقترب منه لتردد “إن الصمت في حرم الجمل جمال” هذه الرسالة الأولى التي يقرأها لك البحر.. ليردد من يكون بجانبك في الحافلة العامة والخاصة “أهذا هو البحر؟” وما أكثر من يقولون كذلك! وما أكثر من يزورون البحر لأول مرة في بلادهم.!.
في الخطوة الأولى من حكايتك مع البحر.. مع البحر الأبيض المتوسط كما يسمونه علمياً، أول ما يستقبلك سهول طرطوس الموازية لمياه المتوسط الدافئة الحنونة المضمخة برائحة زهر الليمون ورائحة العشب ورائحة البحر الخاصة.
في المسير من طرطوس إلى بانياس وجبلة واللاذقية وصولاً إلى قلب الجمال في وادي قنديل وفي البدروسية وفي كسب وفي كل حفنة تراب من الساحل السوري وصولاً إلى الحدود التركية، يضيع ويتوه النظر وينفطر القلب العاشق للطبيعة والجمال ولكل شيء سوري طيب وجميل ومميز.
نتحدث في هذه الحالة الواقعية الوصفية عن أحد أوجه سوريا الجميلة التي أشاحت بوجهها عنا غضباً لأننا أضعنا الطريق وأضعنا البوصلة، اليوم عاد وجه سوريا الجميل ليطل من خلف نوافذ الجمال.. وها هو الساحل السوري يستعدّ اليوم قبيل عيد الأضحى المبارك لاستقبال أهله من كل ربوع سوريا في العيد وفي كل المناسبات.