أديب مخزوم:
تتابع مدربة الباليه والفنانة التشكيلية رينا علو تقديم عروض فرقتها التي تحمل اسم ( الرين ) على مسارح المراكز الثقافية (ولقد كان آخرها على مسرح المركز الثقافي العربي في المزة، حيث تم تقديم تسعة عروض كلاسيكية ومعاصرة، بمشاركة ٢٢ طالبة أعمارهن بين ٤ و١٣ ربيعاً.
وعن مراحل تطور فرقتها قالت رينا في حواري معها: في البداية تشكلت الفرقة من خمس فتيات بالمرحلة الابتدائية، وكان ذلك من قرابة سنة، ثم أصبحوا عشر طالبات، وحتى تاريخ اليوم أصبحت الفرقة مكونة من ٢٢ راقصة باليه.
وعن عروض الفرقة قالت: تم تقديم العرض الأول بتاريخ ٤ أيلول ٢٠٢٢ بثقافي أبو رمانة، والعرض الثاني المؤلف من ٣ رقصات، بثقافي المزة، اما العرض الأخير المؤلف من تسع رقصات فكان منذ أيام بثقافي المزة أيضاً.
وعن رسالتها الفنية والثقافية قالت: بالنسبة لي، أنا شخصية مرهفة الأحاسيس، طريقتي وفنوني الخاصة بالتعبير بواسطة الرسم والباليه، وهذه الطريقة أبلغ من الكلام، ورسالتي مهداة لكل صناع الفن والجمال وأضافت: الفن وسيلة للتعبير عن الذات، و ليس الغرض منه، إرضاء جميع الأذواق..
والجديد في عروض الفنانة الشاملة رينا علو أنها تعمل على إيجاد حالة من التبادل والتداخل بين المؤثرات البصرية والسمعية ( باليه، موسيقا، فن تشكيلي) وفي لوحاتها ترسم راقصات الباليه بصياغة تعبيرية مبسطة تتداخل مع الحروف العربية المبعثرة المأخوذة من التراث الشعري, فعمق الفن الحديث يكمن في الاستفادة من الإمكانات اللامحدودة لمعطيات الألوان والخطوط العفوية والحروف، وهو الأكثر قدرة على إطلاق الإيقاعات اللونية الغنائية التي توحي بالموسيقا البصرية في المدى التشكيلي.
إن انفتاح لوحات رينا علو التشكيلية على مختلف الفنون (باليه، موسيقا، شعر، مسرح …) يعمل على توطيد وتعزيز وتطوير تعبيرية الأداء الفني البصري والسمعي.
والمعروف أن جذور هذه المحاولات تعود إلى تجارب بيتهوفن الذي تمنى لو كان للموسيقا قدرة الكلمة في التعبير عن أعماله، وهذا ما دفعه إلى الاستنجاد بقصيدة شيلر في سمفونيته التاسعة (تماماً كما أستفادت رينا من بعض القصائد العربية القديمة). وتمنى فاجنر لو أن الصوت يستطيع أن يوحي باللون أو يستطيع اللون أن يوحي بالصوت، ثم ظهرت محاولات دمج الفن الموسيقي مع الفن التشكيلي مع تجارب كاندينسكي وبول كلي كمنطلق اختباري متماسك مع هواجس التعبير عن إيقاعات حيوية موسيقا اللون وتقاسيمه المرئية المسموعة بالعين.
وميدان الحداثة الابتكارية ما لبث أن اتسع كثيراً وأصبح يستعين كل فن بمعطيات فن آخر، فامتزج التشكيل بالرقص، كمحاولة لكسر علاقة القطيعة القائمة بين الفن التشكيلي والجمهور. ومن هنا بدأت خطوات التداخل بين مختلف الفنون في الصالات وعلى المسارح والشاشات الكبيرة.
والدمج ما بين الغنائية والعقلانية في توزيع اللون، أي ما بين الإيقاع العفوي والهندسي، وتداخل السطوح والحركات اللونية، ثم التحول لإظهار علاقة الخط العربي بالمساحة وبحركات الرقص في لوحات رينا علو، وما إلى ذلك من إيقاعات تشكيلية متنوعة، أوصلنا في نهاية المطاف إلى تنويعات النغم الموسيقي البصري وتبدلاته الإيقاعية.
هكذا أصبحت رينا قادرةً على توءمة حركات رقص فراشات أو بجعات باليه فرقتها ( الرين ) بالموسيقا وبالفن التشكيلي، من خلال صياغة فصول تكاوين عناصرها البصرية أو ما يسمى بالإحساس التلقائي في صياغة حركات الرقص وحركات اللون وحركات الخطوط، والتي تتوالد من إيقاعاتها مؤشرات الإحساس والمشاعر الداخلية العميقة. فهي قادرة على التعبير بحركات الرقص، تماماً كما تعبر بحرية عبر شكالها وألوانها وخطوطها، وكما يعبر العازف بالألحان الموسيقية، وبمعنى أدق تصبح اللوحة نوتة موسيقية للمقطوعة المرافقة لحركات رقص الباليه، بحيث يمكن الإحساس بها عن طريق العين، فالمؤثرات البصرية التي تكوّن موسيقا اللوحة، يمكن قراءتها على أساس تنويعات النغم الموسيقي الافتراضي المرافق لحركات الرقص وانسيابات النغم الموسيقي وإيقاعاته المتنوعة العازفة على أوتار المشاعر .