الثورة – سعاد زاهر:
بإيقاع متسارع بدا أن حكاية المسلسل المصري «تغيير جو»، تنبئ بمزاج درامي من نوع خاص يعبر بنا إلى أجواء سيكودراما، العلاج النفسي الجمعي.
نتعرف على والدة شريفة (منة شلبي) التي أجبرتها ابنتها على دخول المصح لعلاجها من إدمانها على الكحول والحبوب المهدئة، عراكها مع والدتها تؤدي الدور الفنانة (شيرين) لايتمحور حول هذا الملمح فقط، بل لأن الابنة تريد بيع منزل العائلة، من أجل دفع مصاريف علاجها.
هذا المحور نكتشف فيما بعد أنه الحالة الأساسية التي تدور حولها البنية الحكائية للعمل.
بينما تقتصر الأحداث المصورة في مصر على بضع حلقات وعدة محاور درامية لنكتشف كيف تعيش شريفة ضمن صراعات تسبب بها انفصال والديها، ومرض والدتها.
عقد بيع المنزل، يعاني من إشكالية حتى يصبح صالحاً للتنفيذ، الأمر الذي يضطر شريفة للسفر إلى بيروت، وهنا تنعطف الحلقات إلى معطيات درامية مختلفة كلياً عن الأجواء التي عشناها في مصر.
يتكشف العمل عن حضور شخصيات(مصرية ولبنانية) في دراما مشتركة من نوع خاص، قوامها التداخل الأسري من خلال زواج ميرفت أمين (زوزو) بوديع الذي يستمر في التواجد رغم الشلل الذي يعاني منه إلى آخر حلقة في المسلسل.
في لبنان تبدو الأجواء لافتة فالمطعم لمالكته زوزو أو وديع، يجمع شخصيات عدة، ينجح أحياناً في خلق أجواء حميمية لكنها سرعان ماتنقطع بسبب النكسات المتتالية لبطلة العمل شريفة.
ما إن تطأ قدمها أرض لبنان حتى تسرق محفظتها بكل مافيها حتى عقد بيع المنزل الأمر الذي يشكل كارثة لشريفة خاصة إن تمكن الزبون من الوصول للسارق، وهو مايحدث فعلاً!.
يلاحق السارقون (عصام عمر) وهو فنان شاب، يتميز حتى نهاية العمل بأداء لافت، سرعان مانبدأ بالدخول الى عوالم الشاب وعلاقته مع حبيبته السمراء، و ظرفه العائلي الصعب، إلى أن يسلم الحقيبة في النهاية لصاحبتها،التي تكون قد علقت بكل ما من شأنه أن يفكك حياتها ويعيد تركيبها، حتى انتكاساتها الحياتية، وهي بعيدة يختلف وقعها، وتبدأ بالتحلل وكأن تغيير الجو فعلاً يهيئ باحتمالات تختلف، ونحن ملاصقون لكل تلك المشكلات.
برغم أن شريفة تلتقي منذ البداية بخالد (إياد نصار)مدرس التاريخ وابنته نادين، إلا أن فارس( صالح بكري) يقتحم حياتها لنراها تتحول معه في مختلف مناطق لبنان بحيث تبدو كل تلك الأمكنة عبارة عن خلفيات مشهدية لأحداث المسلسل.
فشل علاقتها العاطفية السريعة، تعبره بسرعة لأنها بالكاد تنتهي من انتكاسة حتى تدخل في أخرى، الصخب حولها.. علاقتها بخالتها وبابنتها، وبخالد وابنته، وبحثها عن حقيبتها المسروقة أحداث متسارعة ولكنها تأتينا بإيقاع بطيء يجعل مرورنا على الحلقات غير خاضع للتركيز، كأن المسلسل ينفذ واقعياً أنه مجرد تغيير جو ضمن كل هذه الخلطة الرمضانية.
لعل أبرز مايمكن الحديث عنه في المسلسل الأداء التمثيلي، حيث تمكنت كل من الفنانة شيرين وميرفت أمين من تقديم أداء كشف عن شخصيات تنتمي إلى السهل الممتنع، فبدت مشاهدهما الأقوى في العمل.
أبرز ماعانى منه العمل التشتت الحكائي والتبسيط إلى حد الملل في الحلقات التي تبحث فيها شريفة
عن حقيبتها الضائعة.
العمل الذي أخرجته مريم أبو العوف، ومن تأليف منى الشيمي ومجدي أمين، اعتمد نوعاً درامياً جديداً، ينتمي إلى الحلقات التي تدخل الشهر الرمضاني مناصفة مع عمل آخر كون عدد حلقاتها (١٥) حلقة، كان من المفترض أن يغير إلى حد كبير نمطية العرض الرمضاني، إلا أنه قدم حكاية بدت في الكثير من مواضعها مجتزأة ينقصها جدة الأحداث وتشابك الرؤى البصرية بحيث تتمكن من مناورة متلق رميت في وجهه مختلف الوجبات الرمضانية الدرامية ورغم التخمة إلا أن طبيعة الذائقة الرمضانية يمكنها أن تتلقف نفساً مختلفاً، ولكن شريطة أن يتقن صناعه الخلطة جيداً!.
