يقول الخبر: تمّ تطوير (لعبة حيوان أليف افتراضي)، ليس شبيهاً بذلك النموذج الذي يبقى حبيس الأجهزة الذكية، بل يمكن أن يظهر بطريقة ثلاثية الأبعاد، بحيث نستطيع رؤيته ومعاملته كحيوان حقيقي تماماً.
أول ما يخطر لك ليس الانبهار ولا الدهشة، إنما التساؤل إلى أي حدّ تقود تقنيات الذكاء الاصطناعي إنسان اليوم إلى المزيد من الانعزال..؟
بحجة زيادة (الفردية) و(الاستقلالية)، تخلق ابتكارات الذكاء الاصطناعي هوّة بين الفرد ومن حوله..
فالعلاقات الإنسانية في طريقها لأن تصبح عبئاً على المرء في هذا الزمان، والذي يمكن توصيفه بحسب عالم الاجتماع زيجموند باومن (بالإنسان السائل) الذي تحيطه الهشاشة ونمط حياة استهلاكي مشبع بالتعامل الفوري، اللحظي، والآني..
فلا وقتَ لديه لإقامة علاقات صلبة ذات ديمومة، إنما سائلة وعائمة..
ولهذا يلجأ هكذا فرد إلى تعزيز واقعه باختلاق علاقات مع كائنات “افتراضية”.
في ظل تصاعد حضور هكذا نوع من الكائنات.. هل سنتحول، بدورنا، مع الوقت إلى كائنات (مريضة) نفسياً..؟
ربما تحوّلنا أنصاف بشر.. فيما لو اعتمدنا في تحديد معنى الكائن البشري على كونه كائناً اجتماعياً.
في كتابه (المفهوم الحديث للفردانية) يحدّد “لويس دوما” معنى الفردانية: “حالة من إعطاء الفرد سمات وخصائص شخصية يتفرّد بها ويكتسب عبرها هويته المميزة، إلا أن الفردانية لا تعني من جهة أخرى العزلة أو التضاد مع ما هو اجتماعي، بل تعني أن الفرد يكتسب خصائص يتميّز فيها عن الآخرين في سياق التعاون والتكامل الاجتماعي”.
يبدو لي، في هذا الوقت تحديداً، أننا كائنات العزلة لا شعورياً..
كائنات العزلة والاعتزال بامتياز..
نختلق أسباباً وظروفاً لنختلي بأنفسنا طوال الوقت.. ننشغل بذواتنا..
وغالباً ليس لنتجمّل أمامها وحدَها.. بل لنتجمّل أمام (آخر) نبتعد عنه ونُقصيه..
ونختلق عديد الأسباب لعدم لقائه إلا افتراضياً.
هل تنبّهنا إلى أننا، شيئاً فشيئاً، نصبح كائناً/خليطاً هو مزيج من “افتراضي” وآخر “آدمي”..
والخلل يحدث حين يتغلّب ذاك الجزء المستحدث على الآخر (الأصل).