الثورة – ياسر حمزه
هو علم آداب السلوك والمعاشرة وفن الحياة الراقية. إنه علم له قواعده وأصوله المكتوبة والمنشورة بكل لغات العالم منذ أقدم العصور. وهو فن ممارسة الحياة اليومية بأفضل السبل وأكثرها جمالاً ورقياً وتهذيباً.
واختلف الباحثون في تحديد أصل كلمة «إتيكيت» ومعرفة مدلولاتها وهي كثيرة. فردها بعضهم إلى مفردة يونانية قديمة هي «ستيكوس»، ومعناها: نظام الطبقات أو الفئات الاجتماعية. وعزاها آخرون إلى التعبير الألماني «Stechen» ويعني الطابع أو السمة البارزة. ورأى باحثون فرنسيون أن كلمة إتيكيت تعود بجذورها إلى المصطلح الفرنسي «Ticket» الذي يعني بطاقة الدخول إلى المجتمع الراقي. وهذا التفسير هو الأقرب لمدلول «إتيكيت»، إذ كان الملك الفرنسي لويس الرابع عشر حريصاً على جعل بلاطه الملكي قدوة ومثالاً لجميع بلاطات أوروبا.
وكذلك عرفت مصر فن المراسيم والبروتوكول والإتيكيت منذ العصر الفرعوني. ويظهر ذلك من خلال النقوش المرسومة على جدران المعابد وفي بعض المخطوطات القديمة، مثل كتاب «الموتى» The book of the Dead، التي تظهر اتباع سلوك بالغ التهذيب في زمن الفراعنة. وينطوي الكتاب على تقاليد وسلوكيات خاصة لا تتبع في حالة الوفاة فحسب، إنما في كل شؤون الحياة الأخرى. وأول مخطوطة تحدثت عن أصول السلوك وآدابه، تعود إلى بتاح حوتب، وزير الفرعون «جد كارع» الذي حكم مصر القديمة ما بين 2414 و2375 ق . م.
دور العرب
وكان للعرب كتب كثيرة تحت عناوين: آداب السلوك، والآداب السلطانية، وآداب الحوار، وغيرها. وكانوا ينظرون إلى آداب المعاشرة كدليل على حضارة الشعوب وتمدنهم.
و لاشك أن زرياب الذي توفي في قرطبة في الاندلس سنة 230هـ (845م)، لم يكن رائداً في الغناء العربي، وأبرز من ظهر خلال الحضارة العباسية في بغداد والأموية في قرطبة فحسب ، بل تميز بأسلوبه الذي قلده الناس في كيفية تقديم الطعام في الحفلات.
فعلّمهم فرش المناضد واستخدامها أثناء الطعام، إضافة إلى استخدام الملاعق والسكاكين بدلاً من الأصابع.
واقترن علم الإتيكيت الحديث في شكل وثيق، ولفترة زمنية طويلة، بالنظام الملكي في فرنسا. ففي زمن الحقبة الارستقراطية، شهد فن الإتيكيت أرقى صوره وبلغ عصره الذهبي مع ظهور الارستقراطية الفرنسية وتقاليدها الرائعة. ولم تكن بقية الارستقراطيات الأوروبية في بريطانيا وروسيا والنمسا وإيطاليا وغيرها، أقل أهمية من الارستقراطية الفرنسية. فهي أيضاً كانت لها سماتها الدامغة على سلوكيات الحياة اليومية.
وهنا يجب التمييز بين الإتيكيت والبروتوكول. فالأول اختياري وهو فن إظهار السلوك البالغ التهذيب والصفات الحسنة بين الأفراد في المجتمعات، أما الثاني فهو بالمعنى نفسه، إنما له شكل إلزامي تفرضه أصول التعامل بين الدول وممثليها وسفرائها في العالم الدبلوماسي.
وفي الآونة الأخيرة، عاد هذا العلم إلى الصدارة ,وبدأت مناهج التعليم في البلدان المتطورة، ولأسباب موضوعية مختلفة، تُدرِّس هذه المادة، وتعتبرها ضرورية ,بل إلزامية في كثير من المدارس.
أهميــــة الإتيكيت
يترافق تعبير الإتيكيت دوماً مع مفهوم الجمال؛ فعلى سبيل المثال يجب على عارضة الأزياء أو ملكة الجمال، أن تتحلى دائماً بهذا النمط الراقي من السلوكيات لأن الجمال لا يكتمل فقط مع الأناقة والرشاقة، بل أيضاً مع التصرف الحسن الراقي.
والإتيكيت هو قاعدة مهمة يجب أن نستخدمها في حياتنا اليومية، فننقلها من خلال الممارسة إلى أولادنا. والالتزام بأصول الإتيكيت في أي ظرف أو مكان، يحمي صاحبه من هفوات وإساءات، خصوصاً أن الإتيكيت يتخذ طابعاً دولياً ويمكن ممارسته في كل الثقافات والمجتمعات.
آداب المائدة
تنطبق آداب المائدة الموجهة للكبار على الصغار أيضاً، إضافة إلى أمور بسيطة مثل:
• التزام الصمت على مائدة الطعام، وعدم التحرك كثيراً أو إصدار أصوات عالية، بخاصة إذا استمر تناول الوجبة فترة طويلة، وبدأ الأطفال يتذمرون على طريقتهم الخاصة, ويفضل تقديم الطعام للأطفال قبل بقية أفراد الأسرة ومساعدتهم في تناوله.
• تنبيه الطفل إلى ضرورة عدم وضع مرفقيه على المائدة، وهي حركة شائعة بين الأطفال، أو وضع أصابعه في الطبق أو في داخل فمه.
• عدم التكشير أو القيام بأي حركة معيبة، أو الإكثار من الطلبات، أو قص الحكايات أو المغامرات أو التحدث عن البرامج التلفزيونية أثناء تناول الطعام.
من المفيد جداً أن تجتمع الأسرة بكاملها على مائدة الطعام ولو مرة واحدة في اليوم. فهذا يعزز كثيراً الترابط بين أفرادها، ويسمح للوالدين بتلقين الأطفال آداب المائدة والتصرف بشكل لائق أثناء تناول الطعام. وكذلك يجب عدم زجر الأطفال وتأنيبهم باستمرار أمام الضيوف أو الأقرباء؛ لأن ذلك يسبب لهم إحباطاً، وينبغي عدم الإكثار من الثناء على جمالهم ومدح ذكائهم، بخاصة إذا كان بلا سبب، لئلا يصابوا بالغرور. ومن المهم تعليمهم كيف يحترمون الخدم ويُحسنون معاملتهم حتى لا تنمو في داخلهم نوازع التسلط والتكبر. وتعليمهم أيضاً،
حب الجماعة والمشاركة الذي يمنحهم شعوراً جميلاً ويجعلهم أشخاصاً محبوبين ممن حولهم.
إتيكيت التعامل مع شريك الحياة
الاحترام المتبادل بين الزوجين واعتناء كل منهما بالآخر، ليسا مجرد تفاصيل صغيرة يمكن الالتزام بها أو إهمالها وفقاً لظروف الحياة أو الحالة النفسية. فهذان الأمران ضروريان جداً وينبغي أن يكونا جزءاً من طقوس الحياة اليومية لما لهما من تأثير مباشر على العلاقة العاطفية وضمان استمرارها طويلاً واختلاف الظروف ,ولبلوغ ذلك ثمة قواعد إتيكيت مهمة أبرزها:
• طرق الباب وأخذ الإذن قبل الدخول إلى غرفة الشريك.
• إلقاء التحية والسلام عند دخول البيت أو الغرفة أو السيارة، و قبل الانصراف سؤال الآخر إن كان يريد شيئاً.
• عند استعارة شيء يخص الشريك أو نقله، ينبغي إعادته إلى مكانه ,وفي حال إتلاف شيء أو إفساده، يفترض شراء بديل له.
• إذا أخطأ أحد الشريكين بحق الآخر، عليه الاعتذار منه ,وعلى الآخر أن يقبل اعتذاره وألا يكثر من لومه.
• يفترض أن يكون الحديث بين الشريكين هادئاً ومحترماً، من دون صراخ أو سُباب.
• لا بد من البوح بالحقيقة للآخر بطريقة لطيفة غير جارحة، وتجنب الكذب مهما كان السبب.
• لا يجوز أن يُسفه الشريك كلام شريكه أمام الناس لأي سبب كان، وأن يحب كل شريك للآخر ما يُحبه لنفسه، ويعمل على توفير الراحة له قدر المستطاع.
• أن ينادي كل منهما الآخر بلقب محبب إلى قلبه، وألاَّ يرفع الكلفة في الحوار، أو يكثر من المزاح والتهكم على الآخر.