الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
تدمر جوهرة الصحراء، كانت عاصمة مملكة “تدمر” في عهد الملكة زنوبيا نافست حضارة الإمبراطورية الرومانية، لطالما شغلتنا تلك الأثار وحرضت تفكيرنا.
من على منبر قاعة سامي الدروبي في المركز الثقافي بحمص قدم الدكتور المهندس الباحث نزيه بدور محاضرة بعنوان “الهوية السورية في الفنون والعمارة التدمرية” ليروي شيئا من شغفنا لمعرفة بعض الحقائق عن تدمر وعراقتها.
بدأ حديثه عن تاريخ تدمر بالقول هي مملكة سورية أرمية ازدهرت في القرون
الثلاثة الأولى بعد الميلاد و شٌكل العرب جزءاً من شعبها ومن أعيانها، تشوب كلماتهم كلمات عربية بالإضافة للغة اليونانية أما اللغة المحكية الشفهية فكانت اللغة العربية على نطاق واسع.
حاول من خلال بحثه إثبات الهوية المشرقية السورية، للحضارة التدمرية، يقول بدور: تقع تدمر على مساحة تقارب 12 كم ²، ويعود تخطيط تدمر إلى الحضارة البابلية “أسلوب الشطرنج”، كانت محاطة بسور مدعم بأبراج مربعة.
وكان الميدان العام في تدمر يطلق عليه الآغورا باللغة اليونانية، يقع الميدان في الجهة الجنوبية الغربية من المسرح، وهو عبارة عن بناء مستطيل الشكل يحيط بساحته الداخلية المكشوفة رواق محمول على أعمدة من الطراز الأيوبي، وفي وسط كل عمود حاملة لوضع أحد تماثيل القادة أو أعضاء مجلس الشيوخ عليها، وذلك على غرار الأعمدة والمنشآت الأخرى، يتم الدخول للمبنى عبر أحد عشر باباً لتأمين سهولة الدخول والخروج وكانت ساحة “الآغورا ἀγορά) السوق” مكانا للتجمع الثقافي، والاقتصادي، والمدني في المجتمع الإغريقي القديم، منذ القرن الخامس قبل الميلاد، كما كانت موضع التقاء الفلاسفة أيضاً، وأفضل مثال معروف حالياً الآغورا القديمة هي أغورا أثينا الكلاسيكية في اليونان، شيدت 406 ق م.
تتميز ساحة الآغورا في مدينة تدمر بالروعة والخصوصية المعمارية، وهو مكان للتجمع العام والآغورا كانت مركز الحياة السياسية والاجتماعية في المدن القديمة، مما أدى لتطور تدمر تجارياً، حيث تقوم القوافل التجارية بتفريغ وتبادل سلعها فيها، مما حوَّل مجمع الآغورا إلى سوق مركزي عالمي ترتبط التعرفة الجمركية فيها.
عثر على ألواح القانون التدمري التجاري في ميدان الآغورا مكتوبة باليونانية والتدمرية وتتضمن قوانين التجارة والصكوك المفروضة، والألواح محفوظة الآن في متحف الأرميتاج في سان بطرسبورغ، منذ زيارة العالم الروسي لازيريف عام 1881 بموافقة السلطات العثمانية على نقل اللوح الحجري إلى روسيا براً ثم بحراً، إلى ميناء اوديسة..
ترتبط الآغورا بالتعرفة الجمركية، وهي نص قانوني منقوش على بلاطة جيرية كبيرة ابعادها (480سم / 175سم) باللغتين التدمرية واليونانية، ينظم القانون الضرائب التي يدفعها التجار عن كل سلعة تباع في السوق.
تم اكتشاف “تعريفة بالميرا” في عام 1881 من قبل الأمير لازاريف، الرحالة الروسي وعالم الآثار، خلال رحلته عبر سورية، قام بمسح السطح الرملي للبلاطة الجيرية التي تحمل النقش، وعمل نسخته.
جدير بالذكر أن المحاضر هو أستاذ جامعي وعضو في اتحاد الكتاب العرب وعضو اتحاد الصحفيين ودليل سياحي ويشغل منصب رئيس جمعية العاديات في حمص.