فاتن دعبول:
يصادف يوم العاشر من حزيران ذكرى رحيل القائد المؤسس لسورية الحديثة، الرئيس حافظ الأسد، القائد الذي رسم لنا منهاجا استراتيجيا في البناء والتقدم، وخط مشروعنا المقاوم الذي يعيد لنا الحقوق، ويبقي سورية عزيزة كريمة موحدة ذات سيادة، واستطاع بناء دولة كانت وستبقى الرقم الصعب في المنطقة وصاحبة القول الفصل في الكثير من القضايا التي تخص المنطقة العربية والشرق الأوسط وما يتعرض له من تآمر يستهدف وجود وحاضر ومستقبل الأمة العربية عامة وسورية خاصة.
وتحت عنوان” القائد الخالد حافظ الأسد واستمرار الإشعاع الفكري الوطني” كانت الندوة التي أقيمت في مركز ثقافي”أبو رمانة” بحضور عدد كبير من المفكرين والكتّاب بمناسبة الذكرى 23 لرحيل القائد المؤسس حافظ الأسد، وأدار الندوة عمار بقلة مدير المركز.
علامة فارقة
وبين د. سمير أبو صالح أننا اليوم في ذكرى ليست كسائر الذكريات ، فنحن في حضرة قامة وطنية سورية، عربية، مسلمة معروفة ليس فقط في إطارها الشخصي، بل في إطار ما ترك لنا بعد أن ارتقى إلى خالقه، ونستذكر في هذه المناسبة بعضا من إنجازاته، رئيسا للجمهورية العربية السورية وقائدا ملهما وأيضا قائدا لجيشنا الأبي الذي يسطر ملاحم البطولة في أرجاء البلاد كافة.
وأضاف: استطاع مؤسس الدولة السورية الحديثة أن يقدم لنا طريقة تفكير ومنهج يختلف عن الحالة التقليدية، ويحقق إنجازات على الصعيد القومي والتي تعدت الحالة الوطنية وأصبحت حالة قومية تستلهم منها الأمة العربية والإسلامية مواقف كثيرة أقلّها كيف نتقي شر العدو وكيف نقف في وجهه.
الذكرى التي نحييها معا أهم المحطات المفصلية التي استطاع القائد الراحل أن يؤسس لها وكانت نقطة تحول في تاريخ سورية، نستذكر المنجزات لتكون لنا النور والنار، النور الذي به نبصر والنار لأننا نتوقع الكثير من التحديات والكثير من الأعداء الذين يتربصون بنا، وما أحوجنا اليوم إلى تذكر إنجازات الرئيس المؤسس وإرشاداته ومواقفه.
القائد الاستراتيجي
ويقف د. حسن حسن عند أهم المحطات في حياة القائد المؤسس حافظ الأسد، ويصف بدوره كيف كانت سورية قبل السبعينات من القرن الماضي، كانت الانقلابات العسكرية سيدة الموقف، وكانت البلاد مستباحة ومنكوبة بنكسة حزيران، وعندما جاء عهد الرئيس الراحل، انتقلت سورية من ثقافة الهزيمة وجلد الذات والانكسار إلى ثقافة الثقة بالنفس والإقدام واتخاذ القرار .
ويقول: عندما نتحدث عن القائد المؤسس، فنحن نتحدث عن استعادة زمام المبادرة وعن قرار استراتيجي في خوض العمليات القتالية، وهو يعلم علم اليقين أن إسرائيل “تملك رؤوسا نووية” وهنا تبرز عظمة الإرادة والثقة في النفس ومعالم الشخصية التي هندست كل خطوة مشت عليها سورية.
وقد شهد عهده التعدد السياسي تحت عنوان الجبهة الوطنية التقدمية، مجلس الشعب، الدستور الدائم وإعادة بنية الجيش الفكرية والتنظيمية والبنيوية، وأسس لثقة المواطن بوطنه ونفسه ودولته والانطلاق للعمل والإنجاز وترك بصمة على أرض الواقع.
هو القائد الذي لم يتخل عن أي حق من الحقوق العربية، وظل شامخا صامدا، وبقيت فلسطين هي البوصلة، واستطاعت سورية أن تصمد في وجه المؤامرات جميعها، واليوم تزداد سورية مناعة وصمودا وشموخا.
مدرسة متكاملة
وتوقف رئيس اتحاد الصحفيين موسى عبد النور عند أهم الإنجازات التي تحققت في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد وقال:
نحن تربينا في مدرسته وعاصرنا الحركة التصحيحية منذ البداية وما قدمته لسورية وخصوصا فيما يتعلق بالعناوين الاستراتيجية والاهتمام بالبنية التحتية من كهرباء وماء وسدود وكل القضايا المتعلقة بالتنمية، والاهتمام بمؤسسات القطاع العام، والحدث الأبرز هو حرب تشرين التحريرية التي أسست لمعادلة جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي، كما أنه أسس لمعادلة جديدة وهي التوازن الاستراتيجي ليس فقط بين العرب والكيان الصهيوني وإنما بين سورية والكيان الصهيوني، بخلق فكر يواجه الفكر الذي يغزو المنطقة ويعتدي عليها.
وكثيرة هي المحطات التي يمكن الوقوف عندها في ذكرى رحيل القائد المؤسس حافظ الأسد ومنها مقاومة الفكر المتطرف في الثمانينات، وما تلاها من حرب على الصعيد الديبلوماسي والسياسي وما يتعلق بمحادثات السلام التي انطلقت في مدريد.
واللافت أنه كان يدعو دائما إلى التضامن العربي، وأن يكون للعرب موقف موحد، وفريق تفاوض موحد في ذلك الوقت، لكن العرب كل ذهب إلى طريقه وبقيت سورية حتى آخر لحظة ولم يوقع وأصبحت الجملة الشهيرة” الرجل الذي لم يوقع”، ما يشعر الإنسان السوري بالفخر في ظل هذه القيادة الحكيمة التي استطاع من خلالها جعل سورية الرقم الصعب في معادلات المنطقة.