«تغريبة القافر».. حكاية نساءٍ وماء

الثورة- لميس علي:
«بثيمة» جديدة، تمتزج فيها الغرائبية بخليطٍ من الواقع، استطاع زهران القاسمي تقديم روايته (تغريبة القافر)، متمكنةً من تحصيل الجائزة العالمية للرواية العربية بدورتها 16.


وبغض النظر عن فوزها بهذه الجائزة
ما الذي يلفت الانتباه إليها ويشدّ القارئ.؟
أول السمات التي تتصف بها هذه الرواية هي اللغة السلسة التي اعتمدها القاسمي، وبالتالي قدرته على السرد بطريقة مشبعة بساطةً لا تعقيد فيها إلا في حالات أوغل من خلالها بتوصيف الحدث “المائي”، إن جاز القول.
كيف ذلك.؟
البنية الأساسية للنص تعتمد على موضوعة “الماء”..
فالروائي يقدّم البيئة التي اختارها لسرد حكايته لتكون ذات خصوصية محلية، وهي نقطة تميّز، تُحسب له.
وفي أماكن كثيرة حين ينشغل بسرد الحدث والذي هو اقتفاء أثر الماء، أي البحث عن مصدر الحياة في الوديان.. وبالتالي إنشاء القنوات والأفلاج.. يُفصّل وفق مشهدية روائية زاخرة بتفاصيل تغتني بأدق الأمور ومجريات الحدث الذي يدعمه القاسمي بحشدِ كمّ هائلٍ من تسميات البيئة المحلية العمانية. تماماً كما أسهب بوصف كيف علقت الشخصية المحورية سلام بن عبد الله القافر حين جرفه الماء في أعماق الفلج.
للحظاتٍ يخطر لك كقارئ أن الروائي لابدّ عاش ببيئة مماثلة حتى تمكّن من توصيف غالبية مشاهده الروائية بدقّة متناهية.
لكن.. في الوقت ذاته.. دقّته تلك كانت موضع حيرة وربما توهان للمتلقي.
والسبب يعود غالباً لحشده كمّاً كبيراً من التسميات الخاصة بالبيئة (المحلية) التي أراد توصيفها، لكنها كانت تسميات غريبة عن القارئ البعيد عن تلك البيئة، مثل: (الفرضة، شريعة الفلج، خاتم الفلج، الساعد، سقف أم الفلج، بادة)، بالإضافة إلى تسميات تعود للطبيعة النباتية، ولهذا كان من الجيد تزويد الهوامش بشرح للكلمات الخاصة بذاك المكان الذي وصّفته الرواية.
في (تغريبة القافر) تدور كل الشخصيات في فلك المكون الأول للحياة (الماء)، لدرجة لا نستبعد معها جعله، أي الماء، البطل الأول الذي يحرّك الحدث وتتبعه الشخصيات.
هل كان القاسمي يسرد سيرة شخصياته المحورية ومن بعدها العابرة.. أم كان يسرد سيرة الماء في تلك البقعة الجغرافية ؟.
وكأنه بعموم ما فعله كان يوصّف كائنات من ماء.. لاسيما في الفصلين اللذين يتحدّثان عن تفاصيل مغامرة سلام “القافر” تحت الماء.
دون أن ننسى أن تلك السيرة مهما كانت مرجعيتها مائية أم مكانية أم للإنسان في ذاك الحيز من الأرض.. كانت بالآن عينه سيرة نساء تقاسمن تكوين وتنشئة (القافر).
الأولى كانت أمه مريم (الغريقة)، والثانية كانت أمه التي ربّته، وهي عمّة مريم، كازية بنت غانم، والثالثة كانت آسيا بنت محمد، مرضعته.. بالإضافة إلى زوجته نصرا.
وجميعهن يربط خيطٌ رفيع بينهنّ.. يتمثل بتعرضهن للظلم.. ومرارة الفقد.
نساء ينحاز قلم القاسمي لسرد حكاية كل منهن على حدة.. وإن انحاز حيناً لسيرة أحد الرجال فيكون زوج إحداهن، مثل إبراهيم بن مهدي زوج آسيا، أو الوعري سلام ود عامور، الذي أحبّ كازية بصمت..
إذاً من يدور في فلك الآخر..؟
رجال أحبّوا نساء.. أم نساء انتظرن رجالاً.. وكلهم كانوا في بحثٍ وانتظارٍ دائم لمنبع الحياة “الماء”.. والذي ربما كان بالوقت ذاته سبباً للتهلكة.
يلعب الروائي في عمله على روابط مكونات نصّه.. فبقدر ما هي واضحة وظاهرة، بقدر ما تخفي أشياء غير ملفوظة ولا هي مسرودة ضمن الحبكة بطريقة مباشرة.
فهل هي تغريبة القافر.. أم تغريبة نساء وماء ؟.
ولابأس من أن يكون سلام بن عبدالله هو القافر “ظاهرياً” عن الماء/الحياة.. بينما نساء ذاك المكان هن القافر/الباحث، عن سبيل حياة مهما كلفهن الأمر.

 

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم