ظافر أحمد أحمد
تتخذ أسعار النفط والغاز وشتى السلع الأساسية مسار الانخفاض منذ حزيران 2022 بعدما شهدت خلال النصف الأول من ذلك العام ارتفاعا قياسيا، ولكن الخيرات التي تصب لصالح العديد من الدول عندما تنخفض أسعار السلع الأساسية والوقود لا تتحقق لدى أغلبية الدول المصنفة بـ (الاقتصادات النامية) ومنها أغلبية الدول المنتمية إلى المنطقة المشمولة بالمصطلح الجيوسياسي (الشرق الأوسط) المهدد غالبا باقتصاده.
السؤال الذي يؤلم: كيف تنخفض أسعار السلع الأساسية بينما يبقى الغلاء فارضا ثقله في أسواق الكثير من الدول..؟.
هنا يتبوب السبب الاقتصادي الأوّل الذي يجعل شعوبا كثيرة لا تستفيد من تراجع الأسعار عالميا بسبب عدم استقرار قيمة عملاتها المحلية، ومع أنّ لكل بلد خصوصية ما في ظروفه الاقتصادية، إلاّ أنّ الحرب الأميركية الدائمة على اقتصاد شتى الدول هي العامل الأول الذي بات يحدد معايير التذبذب في قيمة العملات المحلية سواء تلك الخاضعة للتعويم وسياسة العرض والطلب أو التي تمسك فيها بنوك مركزية تشرف على سوق نظامية للعملة بينما تنشط في بلدانها سوق سوداء بفعل الأدوات الأميركية وسياسات تسليح الدولار والتي تخفي عنفها وقسوتها تحت عنوان اقتصادي يتزيف بمقاسات العرض والطلب.
وسبق أن توضحت معاناة مالية أكثر من دولة في الشرق العربي ومحيطه، بسبب مفاعيل خطة (تجفيف الدولار) كأحد أوجه (تسليحه) وترافق بمفاعيل الإجراءات الأميركية أحادية الجانب ويرتبط هذا الواقع بمخططات السياسة الخارجية الأميركية لمستقبل ومصير المنطقة، والتي تعتمد أيضا سياسة التحكم بموارد العديد من الدول كوسيلة ضغط لمحاولات الاحتواء وفرض التبعية لها.
لا توجد أزمة عالمية حاليا إلاّ ونجد اليد الأميركية ضليعة فيها، وشكلت الحرب الأوكرانية أحدث الأزمات التي نتجت من جملة مفاعيلها هجرة استثمارات ضخمة من أوروبا إلى الولايات المتحدة الأميركية.
الاستحقاق الأكبر المترتب على أيّ دولة مشمولة بويلات السياسة الأميركية هو كيف تحرر مواردها من النفوذ الأميركي؟ وكيف يستجيب أفرادها وخصوصا رجال أعمالها لعدم الانجذاب إلى الدولار على حساب عملاتها المحلية؟ والأهم القناعة أولا أنّ خلف شتى الأزمات العالمية والإقليمية يد واشنطن، عندئذ يمكن القناعة بأنّ الحل يتطلب العمل على كف تلك اليد بشتى الوسائل وعلى الأقل عدم الاكتفاء بالدعاء عليها بالكسر.