الثورة- سلوى إسماعيل الديب:
بين زخم العروض المسرحية والحفلات الفنية، لم يتوان المعنيون في حمص عن تكريم المبدعين بعدة أشكال منها: شهادات التكريم، أو التعريف عنهم وعن تاريخهم الزاخر الغني من خلال محاضرات، أو حفلات، كان لرابطة الخريجين الجامعيين في حمص،
وقفة مع الكاتب والمخرج المسرحي العربي فرحان بلبل من خلال محاضرة للباحث عبد الكريم عمرين، الذي أشار في محاضرته إلى قراءة تحليلية لأعماله بعنوان “صور البطل المسرحي عند فرحان بلبل” لكون فرحان بلبل أهم كاتب مسرحي سوري، اعتنى بصناعة البطل العامل /النموذج، على ضفاف الواقعية الاشتراكية المسرحية، ولم يأت توجه بلبل كنوع من التجريب، ولا لأنه عمل تحت جناح الحركة النقابية العمالية في سورية، بل لأن همه الوطني والقومي والطبقي يدفعه لأن يصنع بطلاً يحتذي بأفكاره وعواطفه الجمهور، وذلك بحضور نخبة من أعضاء الرابطة وروادها.
تناول “عمرين” سيرة حياة فرحان بلبل قائلاً: ولد الكاتب المسرحي في حمص عام ١٩٣٧، جرت خلال حياته أحداث هامة مثل الوحدة، الانفصال، التأميم، والإصلاح الزراعي، في عام ١٩٥٢طلب منه عمه شكيب الذي كفله بعد خروجه من الميتم الإسلامي، أن يكتب نصاً مسرحياً، ليقدمه لكشافة في فوج العاصي الكشفي خلال حفلات السمر، فكتب أول نص مسرحي وأخرجه وشارك في تمثيله بعنوان “صراع بين العاطفة والواجب”، لقي استحسان جمهور الكشافة وضيوفهم.
وعمل مدرساً خصوصياً أثناء دراسته الجامعية في دمشق، وأجيراً في بقالية لنقل المشتريات، ثم مدرساً في إعدادية خاصة في بلدة الضمير لمدة ثلاث سنوات، ثم عين مدرساً في القامشلي، طلب منه شاب اسمه اسكندر عزيز أن يُخرج مسرحية من تأليفه خلال الحفل الطلابي وافق بلبل على العرض، وكتب مسرحية بعنوان “الثأر الموروث”، أتقن اسكندر إخراجها، كانت المسرحية مسودة لنص لمع اسم فرحان من خلالها ككاتب مسرحي بعنوان: الجدران القرمزية.
ويتابع “عمرين” أدرك فرحان عام 1967 أن جلَّ المثقفين العرب سيردون على الهزيمة، فكتب الجدران القرمزية لينهي كتابتها عام ١٩٦٩، قدمها نادي دوحة الميماس بذات العام إخراج محمود حمدي.
تتصادم في العمل الشخصيات المتناقضة في طباعها وسلوكها وتركيبها النفسي ومواقفها الفكرية والوطنية أيضاً، يعكس بلبل من خلال العمل ردود أفعال الطبقة الوسطى على الهزيمة، ويعكس أجواء النكسة، ونمط التفكير السياسي والشعبي الذي ساد في تلك الفترة.
ويضيف: في مسرحية بلبل القصيرة “الطائر يسجن الغرفة” يدعونا للحياة ولكن عبر حكاية تقوم على حوار بين الشخصيات، هو أقرب إلى الأفكار الذهنية منه إلى الحوار الدرامي والتناقضات بين الشخصيات، لا تقوم بسبب المال والملكية، بل بسبب عهد قطعه محبان على نفسيهما، على أن يبقيان طاهرين، ويرفض فكرة الزواج التي تطرحها المرأة في لقائها الدوري، ويدخل الغريب، لتبرر المرأة حاجتها للرجل والزوج والأطفال ..
كتب بلبل عام 1971 مسرحية “العيون ذات الاتساع الضيق” ليتقدم خطوة إلى الأمام في فهمه لدور المسرح ووظيفته الاجتماعية، وتقديم نص درامي متين البنية وواضح الفكرة وغني بالشخوص..
ويشير الباحث إلى أن “الحفلة دارت في الحارة ” التي قدمها بلبل عام 1972من إخراجه ينحاز للمادة التاريخية ولكنه لم يوفق حيث عكسه بصورة أدبية وفنية.
وهذا غيض من فيض مما ورد في المحاضرة حيث تناول عبد الكريم عمرين أغلب أعمال بلبل واختتم قائلاً: إننا نقر للمعلم فرحان بلبل بأستاذيته كاتباً ومسرحياً وناقداً وإدارياً، وهبَّ جهده لمدينته ووطنه، ليكون الفن المسرحي على يديه حاجة روحية وأداة للمتعة والفائدة، مسألة يختلف عليها الناس أو يتفقون، بينما ينام بلبل ملء جفونه عن شواردها..