تثير مهرجانات “صنع في سورية” تساؤلات كثيرة، تشبه الألغاز فعلاً، حول حقائق السعر والتسعير والكلفة وهوامش الربح…وسلسلة تبدأ من المنتج وتنتهي عند المستهلك النهائي للسلع المتداولة في الأسواق المحلية.
نعلم أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هي صاحبة مثل هذه المبادرات، أو على الأقل هي الراعية لها، ويبدو أن مهرجانات التسوق تأتي في صلب التوجهات الجديدة للوزارة، بدليل كثافتها مؤخراً وتنقلها بين المحافظات والمناطق.
لكن تساؤلاتنا تتعلق بالأسعار المتهاودة التي تستقطب بها هذه المهرجانات أعدادا غير قليلة من الزبائن..لأنها بصراحة تستحق تسمية “أسواق الفقراء” رغم أن ليس كل روادها فقراء، فالميسورين لايفوتون مثل هذه الفرص عادة..
لماذا تكون أسعار السلع اقتصادية في مهرجانات التسوق “صنع في سورية”..وفي الأسواق تبدو ملتهبة وكاوية..أليست السلع ذاتها المصنوعة في سورية أيضاً؟
أم أن العلاوات تتوالى من تعدد الحلقات التجارية لتصل إلى معدلات مربكة للمستهلك؟..
المسألة لاتحتاج إلى اجتهادات، فالتجار دوماً يستثمرون المنتج والمستهلك معاً، وهم مثال صارخ للحالة الريعية الطفيلية التي تشوه بنية الاقتصاد .
على العموم بما أن كلمة السر في مهرجانات التسوق هي “من المنتج إلى المستهلك”..أي اختصار الحلقات التجارية، فلماذا لا تعمد الشركات الصناعية إلى افتتاح مراكز بيع دائمة لمنتجاتها في كافة المحافظات والمناطق..بما أن التاجر لايربح فقط بل يسيء للإنتاج المحلي عندما يرفع الأسعار إلى حدود لافظة للزبائن، الذين يتجهون إلى البديل المستورد أو “المهرب” لأنه أقل سعراً..؟
من واجب الشركات الصناعية باختصاصاتها المختلفة، أن تسعى هي للحفاظ على سمعة منتجاتها وعلى زبائنها أيضاً، وألا تترك مصيرها مرتبطاً بطموحات ربح تجاري لاتقف عند حد.
ربما هذا ماتفعله وزارة التجارة الداخلية، بهدوء ودون ضجيج عبر صالات “السورية للتجارة” خصوصاً بالنسبة للمنتجات الزراعية، وهذا أفضل وأجدى بكثير من استعراض المواجهة مع التاجر لتخسر في المحصلة .
صالات “السورية للتجارة” إضافة للصالات المفترضة العائدة لشركات الإنتاج الصناعي، يمكن أن تشكل حالة توازن واستقرار نسبي في أسواق المستهلك.
هو حل جذري وعملي لمشكلة الأسعار المرتفعة في أسواقنا، بدون ضبوط وزجر وعقوبات رادعة وغير ذاك من الإجراءات التي ثبت أنها قليلة الجدوى.
نهى علي