الثورة-علاء الدين محمد:
عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، العلاقات الاجتماعية لا يكتب لها النجاح إلا عبر التواصل الفعال ، المبني على الاحترام والحب، احترام الآخر وما يصدر عنه من انفعالات، حتى لو لم يعجبك طرحه،فكره، رأيه .. فالحد الأدنى احترم ما يقوله، وإذا رغبت بالتصويب،كن بناء بطرحك وبردك عليه ولا تجرح به، بهذا تصل إلى أعلى درجات التواصل الفعال.
حول هذا الموضوع كانت لنا وقفة مع المدربة المعتمدة من وكالة نابو الماليزية عبير نادر على هامش دورة تدريبية (فن التواصل) أقامتها في جرمانا
– بداية ما مفهوم التواصل وما أدواته ..؟
التواصل هو الوسيلة الوحيدة لشرح ما نشعر ونفكر به للطرف الآخر، ومن خلاله أيضاً نستطيع فهم ما يريد أن يوصله لنا الآخر. ولكي تستطيع التواصل بشكل جيد وفعال وإرسال واستقبال الرسائل الصحيحة مع الأشخاص من حولنا، بالتالي لا بد لنا من استخدام مهارات التواصل وهذه المهارات هي مهارات مكتسبة، فلا داعي للقلق إن كانت منخفضة لدينا ، فبكل بساطة يمكننا تعلمها وتدريب أبنائنا عليها.
وأدوات التواصل هي :المرسل ، المرسل إليه، الرسالة. الترميز.
– عندما نذكر كلمة تواصل فإن أول ما يخطر ببالنا هو اللغة ما رأيك ؟
هذا صحيح فاللغة هي الوسيلة الأساسية للتواصل بين الناس وهي الأوضح والأشمل، ولكن ليست اللغة وحدها هي القادرة على خلق هذا التواصل، فالحواس بأكملها تلعب دوراً أساسياً في خلق التفاهمات ما بين البشر، الذين يلعب أحدهم دور المرسل والآخر دور المستقبل ، ويكمن تحقيق التواصل في القدرة على إحداث تفاعل إيجابي ما بينهم. ولكن يوجد عدة مهارات وجب علينا تعلمها حتى نتمكن من تحقيق تواصل فعال يمكننا من التعبير عن أنفسنا، وفهم ما يعنيه الشخص المقابل بشكل جيد ثم إيصال رسالة له أننا نفهمه.
– باعتقادك أيهما أكثر فعالية، التواصل عبر اللغة أم عبر الحواس أم كلاهما معاً ؟
يجب أن تتكامل اللغة مع الحواس فإذا كان الحوار مباشراً يجب أن تشترك حاسة النظر مع الكلمة ليكون التواصل فعالاً.
إما إذا كان التواصل عبر الوسائل الإلكترونية فيجب أن يقترن بالمشاعر لأن الكلمة قادرة على إيصال المشاعر.
ومن هنا سأعود إلى عشقي الأساسي وهو الشعر، فالكلمة في القصيدة الشعرية إذا لم تحمل شعور كاتبها فهي لن تصل إلى أحد.
يجب على الكلمة أن تحمل إحساس وشعور صاحبها لتصل إلى قلوب الآخرين.
فالكلمة الطيبة صدقة كما يقال والكلمة أجمل هدية نهديها للآخرين كما قال المتنبي:
لا خيل عندك تهديها ولا مال
فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
– للتواصل مهارات متعددة ما أهمها وأبرزها ؟
أولاً: معرفة أنفسنا والتعبير عنها ..ولكي نستطيع أن نتحدث عن أنفسنا وأن نعبر عما بداخلنا من مشاعر وأفكار يجب علينا معرفتها نحن أولاً، ماذا نشعر، وبماذا نفكر، ولماذا نقوم بما نقوم به، وكيف تقوم به. أن ندرك مشاعرنا وأفكارنا وسلوكياتنا ونعرف سببها ماذا نحب، ماذا نكره، ومن ماذا نغضب وعندما نغضب كيف نتصرف، المعرفة بأنفسنا واحترامها سيمكننا من التعبير عنها بكل ثقة وراحة.
ثانيا: الاحترام .. من أجل تواصل جيد وفعال يجب على الإنسان احترام نفسه واحترام الشخص الذي يجري التواصل معه، عندما يحترم الشخص نفسه يكون على دراية بصفاته السيئة والجيدة ويتقبلها، وبالتالي يتقبل الطرف الآخر ويحترمه، ونستطيع تقبل أنفسنا واحترامها من خلال إدراكنا أننا بشر وقد نخطئ، بمسامحة أنفسنا عن تلك الأخطاء، بتذكر الأشياء الجيدة والتي تميزنا، وتذكر الصعاب التي اجتزناها.
ثالثا: الاستماع الجيد أو الإصغاء الفعال،.
وأول خطوة لفهم الشخص المقابل لنا هي الاستماع الجيد له دون مقاطعة أو انتقاد أو تقديم نصائح، فقط استمع إليه، تعاطف معه، احترمه، وأظهر له أنك تستمع له بكل آذان مصغية ، من خلال بعض الإيماءات بالرأس والعبارات مثل: “أمممم، معك حق، الأمر محزن، عظيم، رائع حقا”.
ويمكنك إذا أسأت الفهم أو للتأكد من بعض الأشياء أن تسأله “هل تقصد هذا بالضبط، لقد فهمت من خلال حديثك أن ما جرى هو..هل هذا صحيح؟”
رابعاً: التعاطف وهو مهم جداً خلال الاستماع للآخرين ويبين لهم أنك تستمع بحق، وما ذكرناه سابقاً عن العبارات التوضيحية أثناء الاستماع يعتبر جزءاً من التعاطف، وهو أن تضع نفسك مكان الشخص الآخر وتنظر للحدث بعينيه، هذا يزيد من فهمنا لأفكار الآخرين ومشاعرهم، ويقلل من توجيهنا النصائح والانتقادات، ثم بعد ذلك أعد نقل ما فهمته للشخص الآخر بكلماتك مثل المثال في النقطة السابقة.
خامساً: التحدث بصيغة (أنا) وليس (أنت)
غالباً ما نعبر عن مشاعرنا وأفكارنا من خلال لوم الآخرين وكأنهم هم المسؤولون عما نشعر ونفكر، فنقول عندما نغضب من أمر معين فعله الشخص الآخر مثل: رفع صوت الموسيقا “لقد أغضبتني بهذا التصرف الأهوج” هذه العبارة تعطي انطباعاً أن الشخص المقابل يتحكم بمشاعرك، ويملك زمام أمورنا، هي عبارة تحمل في طياتها الانتقاد ما يجعله يلجأ للدفاع عن نفسه فيمكن أن تدفعه لرفع صوت الموسيقا أكثر، ولكن من الأفضل أن نقول: “لقد غضبت من صوت الموسيقا المرتفع، هلا أخفضته قليلا” من غير الممكن بعد ذلك أن يتصرف معنا بطريقة عدائية أو لا يلبي طلبنا.
طبعاً هناك وسائل تواصل غير لفظية من خلال لغة الجسد.
– كيف لنا أن ننمي ونطور مهارات التواصل الاجتماعي ؟
يعتبر التواصل عملية في غاية الأهمية وهو يمثل ركيزة أساسية لتمكين كل منا من المضي قدماً في مختلف مجالات الحياة، لذلك من المهم التركيز على تطوير مهارات التواصل لدينا حتى نتمكن من تحقيق هذه العملية بحيوية بالتالي تطورها من خلال:
– الإصغاء الجيد السمعي والبصري والحسي واحترام الآخر، التفهم والتقبل، الاحتواء والتعاطف.
من المهم التنويه إلى أن التواصل الفعال مع الآخرين ينبع أولاً من التواصل الفعال مع الذات، واحترام الآخرين وإدراك مشاعرهم ينبع من احترام الذات.