الثورة _ حسين صقر:
من المعروف أن دعاوى وقضايا الزواج والطلاق وأضابيرها تعج بالقصص والحكايات المختلفة والمنوعة، وقلما تجد أشخاصاً يعترفون بالأسباب الحقيقية التي أوصلت الزوجين إلى قرار الطلاق، حيث كل شخص يرى بأن الحق معه، وعندما تنشأ الخلافات يلجأ الطرفان المتنازعان إلى المحاكم للفصل بهذه القضية أو تلك.
لكل قاعدة شواذ
ورغم عدم اعتراف الزوجين بحقوق بعضهما، لكن لكل قاعدة شواذ، حيث كنت شاهداً على قضية اعترف خلالها الزوج بما له وما عليه بعد أن أقسم اليمين، وبعد خضوعه وزوجته لأسئلة المحكمين اللذين طلبا منهما تقديم تقريرهما عن تلك الواقعة، في الوقت الذي لم يقم فيه المحكمان بدورهما الأمثل، ما حدا بسؤال الزوج الذي رفعت زوجته عليه دعوى التفريق، عن جدوى لجان التحكيم إذا لم تأخذ بكلامه، وأخذت فقط بكلام الزوجة واتهاماتها لزوجها بصفات منوعة، في الوقت الذي طلبت فيه اللجنة أيضاً شهوداً من الزوج، ودعيا للشهادة ولم يأخذ المحكمان بأقوالهم.
وللحديث عن موضوع التحكيم وجدوى هذه اللجان، تواصلت « الثورة» مع المحامي عمار إسماعيل الذي قال: كثيراً ما يسمع الناس بالتحكيم الشرعي، والذي يتم في المحاكم الشرعية التي تتبع قانون الأحوال الشخصية السوري، ويعلمون أنه يتم تعيين حكم من أهل الزوجة وحكم من أهل الزوج، على أن يتم التحكيم في حالة التفريق للشقاق والضرر فقط، أما بقية حالات الطلاق مثل: الطلاق للغيبة أو المرض أو عدم الانفاق فلا يتم فيها التحكيم الشرعي.
وتابع: نص قانون الأحوال الشخصية السوري على إجراءات التحكيم بالمواد التالية: المادة 112 إذا ادعى أحد الزوجين إضرار الآخر به بما لا يستطاع معه دوام العشرة، يجوز له أن يطلب من القاضي التفريق، ثانياً إذا ثبت الإضرار وعجز القاضي عن الإصلاح فرق بينهما، ويعدّ هذا التطليق طلقة بائنة.
ثالثاً: إذا لم يثبت الضرر يؤجل القاضي المحاكمة مدة لا تقل عن شهر أملاً بالمصالحة، فإن أصر المدعي على الشكوى ولم يتم الصلح، عين القاضي حكمين من أهل الزوجين، وإلا ممن يرى القاضي فيه قدرة على الإصلاح بينهما وحلفهما يميناً على أن يؤديا مهمتهما بعدل وأمانة.
لايحضره إلا الزوجين
وأوضح إسماعيل حسب المادة 113 على الحكمين أن يتعرفا أسباب الشقاق بين الزوجين وأن يجمعاهما في مجلس تحت إشراف القاضي لا يحضره إلا الزوجين ومن يقرر دعوته الحكمان، وأضاف: إن امتناع أحد الزوجين عن حضور هذا المجلس بعد تبليغه لا يؤثر في التحكيم.
وشرح أن المادة 114 نصت على أن يبذل الحكمان جهدهما في الإصلاح بين الزوجين فإذا عجزا عنه وكانت الإساءة أو أكثرها من الزوج قررا التفريق بطلقة بائنة، وإن كانت الإساءة أو أكثرها من الزوجة أو مشتركة بينهما قررا التفريق بين الزوجين على تمام المهر أو على قسم منه يتناسب ومدى الإساءة.
وقال على الحكمين أن يقررا التفريق بين الزوجين مع عدم الإساءة من أحدهما على براءة ذمة الزوج من قسم من حقوق الزوجة إذا رضيت بذلك وكان قد ثبت لدى الحكمين استحكام الشقاق بينهما على وجه تتعذر إزالته، وإذا اختلف الحكمان حكم القاضي غيرهما أو ضم إليهما حكماً ثالثاً مرجحاً وحلفه اليمين.
للمرة الأخيرة
ونوه أن المادة 115 نصت أنه على الحكمين أن يرفعا تقريرهما إلى القاضي ولا يجب أن يكون معللاً و للقاضي أن يحكم بمقتضاه أو يرفض التقرير ويعين في هذه الحالة وللمرة الأخيرة حكمين آخرين، بعد أن يتم تسمية الحكمين سواء من الأقارب أو الأباعد، يقرر القاضي انعقاد أول جلسة أو مجلس للتحكيم برئاسة القاضي وحضور الطرفين والمحكمين الاثنين ويتعرف القاضي والحكمين على أسباب الخلاف ويحاولوا الصلح بين الطرفين ويتم تأجيل الموضوع لجلسة أخرى، ثم تنعقد الجلسة الثانية ويحاول الحكمان التعمق بأسباب الخلاف والشقاق بين الطرفين ويكون دائماً هدفهم الصلح.
وهكذا تستمر جلسات التحكيم التي يحدد موعدها خارج نطاق المحكمة على أن يعين لها موعد ومكان للجلسة خارج المحكمة « و عادة يخصص لهم غرفة خاصة في بناء المحاكم»، حيث يحق للمحكمين إجراء جلسات التحكيم خارج بناء المحكمة ولا مشكلة في ذلك.
وأوضح المحامي اسماعيل أنه بعد تكرار الجلسات ومحاولات الصلح بين الطرفين بكافة السبل وعندما تبوء محاولتهما بالفشل ويعجزوا عن الصلح بينهما يطلبوا من الطرفين إحضار شهودهم إثبات أقوال كل طرف ويتم تحليف اليمين القانونية للشهود.
وعندما يسمع المحكمون الشهود ويتعرفوا على سبب الشقاق وأصله يقرروا انهاء جلسات التحكيم ويتقدموا بتقريرهم للقاضي الشرعي .
إجراءات التحكيم
وختم اسماعيل أن إجراءات التحكيم يجب أن تستمر لمدة شهرين يعقد فيها عدة جلسات لاتقل عن 4- 5 جلسات وفي حال عدم التقيد بمدة الشهرين يعتبر التقرير باطلاً ويتم إعادة التحكيم مرة ثانية بمحكمين جدد، ثم يقرر القاضي الشرعي التفريق بين الطرفين بناء على قرار الحكمين وليس له أي صلاحية بتغييره أو الحكم خلافه .
وهنا لا بد أن نشير إلى أبرز الصفات التي يجب أن يتمتع بها المحكم نتيجة لأهمية عمله وأهمها : الحرية – العدالة و المعرفة بما يقصد منها – الفهم الاجتماعي – الفراسة – الحياد وليس محاباة طرف على الآخر.