الملحق الثقافي- نبوغ أسعد:
طالما نحن نعيش في هذا الوطن فمن حقه علينا أن نكون أبناء شرفاء ملتزمين بقضاياه المهمة التي من شأنها أن تكون قاعدة أساسية للحفاظ على شرفه وكرامته.
هذا الوطن الذي مر بمراحل تاريخية عديدة وحروب قاسية، ونحن أبناؤه ننعم بدفئه وحضنه فلابد من توثيق تلك المراحل لتبقى في ذاكرة الشعوب وليعلم العالم بأسره أن سورية خاصة والوطن العربي بشكل عام بحماية شعب لم يستسلم قط لأي حرب واجهته لأنه من أهم أسس عيشه، حماية شموخ هذا الوطن والدفاع عنه.
الدكتور محمد الحوراني في بحثه وثق كل حدث تاريخي مررنا به بشكل أو بآخر، ولاسيما أنه رأى ضرورة وحتمية العمل على تبديد كافة الشكوك التي تهدد أحياناً التوثيق التاريخي للحروب على سورية والعرب ليقدم في كتابه ارتقاء بحثياً يمضي به إلى مستقبل التاريخ مطمئناً لما يمتلك من مقومات منهجية.
استقلال سورية كتاب لا يقتصر فقط على الإيجابيات بل مضى إلى السلبيات، ليضمن وجوده بشرف، فأتى بالأسباب التي أسهمت في القضاء على الثورة السورية الكبرى والانتقال إلى التفاوض مع الفرنسيين والتوصل إلى معاهدة تلغي الانتداب لاحقاً، لأن الثورة السورية ضربت المشروع الفرنسي الذي يرمي إلى تجزئة سورية إلى دويلات.
ويقدم الكتاب التداعيات والمسببات والدول التي وقفت إلى جانب فرنسا،مثل بريطانيا وتركيا وغير ذلك من متغيرات وتهيئة الأجواء لعقد اتفاقات حاولت فرنسا ضمان شيء من مطالبها من خلالها.
وجاء الدكتور الحوراني بشخصيات عريقة وثق سلوكياتها في كتابه لم يتناولها التاريخ بشكل واف على الساحة الثقافية مثل عبد الرحمن الشهبندر ودوره وتاريخ حياته، والتوجه القومي الذي ساهم فيه السوريون والفلسطينيون والعراقيون والمعاناة التي عاشها المناضلون في ذلك الحين، ثم بين ما قدمته الكتلة الوطنية وما فعلته الماسونية ومن كان في وجهها رافضاً، أو من كان بجانبها ليبين من تورط بها بقصد أو دون قصد.
وهكذا نجد أن الكتاب يجيب عن أسئلة كثيرة ويضع النقاط على الحروف من خلال فصوله وفقراته وعناوينه، فبين سياسة الانتداب والثورة السورية وبداية الكتلة الوطنية وسياسة الاستعمار وخطط التقسيم والتفتيت وقمع الانتفاضات والمواقف السياسية المختلفة.
وثمة أمور كان من الضروري أن يجدها الكتاب في صفحاته مثل الظروف التي ساعدت الكتلة الوطنية وحضورها، وظروف معاهدة ١٩٣٦والمفاوضات المتعددة والمتنوعة وتوضيح مكونات الماسونية وسبل التعامل معها والوصول إلى اتفاقات ومعاهدات، وكيفية الحركة والتحولات وضياع لواء إسكندرون، أسبابه انعكاسات الحرب العالمية الثانية على سورية في ظل تنافس فرنسي بريطاني ومحاولة فرنسا البقاء مستخدمة كل الوسائل الممكنة ما دفع السوريين إلى الإصرار على طرد الفرنسيين وكان ذلك.
وبعد خروج فرنسا ظلت محاولات الاستعمار قائمة فلم تكتمل الفرحة بسبب ضياع فلسطين واحتلالها.والنكبة الكبرى التي وقعت بفلسطين.
وللكتاب أهمية في قراءة الأحداث الموثقة لمذكرات رجال الدولة الذين كانوا مؤثرين في تحولات القضايا الوطنية مثل شكري القوتلي،وهاشم الأتاسي وفارس الخوري وآل الجابري وغيرهم في المحافظات السورية.
ووصل الكاتب إلى ربط الحقائق بالواقع الذي مر به الوطن العربي منذ قرون إلى يومنا هذا وسعي العدو والاستعمار إلى تدمير ثقافتنا وتراثنا وحرق هويتنا العربية وصولاً إلى الأهداف الصهيو أميركية المدمرة ليقدم إلى العالم وثيقة تاريخية أن الشعب السوري لن يستسلم وسيستعيد أراضيه ويبقى مع الشعب الفلسطيني ليحرر كامل أراضيه التي يعتبر قضيته محور قضايا الأمة العربية.
العدد 1148 – 20-6-2023