لم يكن ليخطر ببال أي مواطن أن يصل لمرحلة بات يشتري بها العديد من مواده الأساسية من الفروج والفواكه حسب ما تتطلبه طبخته، فبات من الطبيعي بعد أن كان محرجاً أن تقف سيدة في محل بيع الفروج ومنتجاته وتطلب قطعة صدر واحدة أو فخذاً أو بيضتين، وحتى محال الخضار والفواكه لتشتري كم حبة باذنجان أو كوسا أو نصف كيلو من أرخص نوع فواكه.
هي ثقافة استهلاكية جديدة على المستهلك السوري فرضتها مرحلة اقتصادية صعبة وقاسية طالت بتبعاتها كل ما يمس الحياة المعيشية للناس والاقتصاد الوطني وجعلت من جميع أفراد الأسرة خبراء بالاقتصاد المنزلي وقيادة دفة موارده الضئيلة بما يضمن سد أبسط مقومات الحياة الكريمة، ولكن وللحق وصل الغالبية لمرحلة الاستسلام وعدم القدرة على المواجهة التي تميل كفتها بشكل كبير لصالح النفقات المرتفعة جراء الاستغلال الحاصل للمواطن من قبل التجار والفاسدين.
نعم الاستغلال هذا أقل تعبير يمكن أن نصف به ما يشعر به غالبية المواطنين وعدم الوقوف معهم والدفاع عن حقوقهم واحتياجاتهم ومساندتهم في مواجهة جنون أسعار غير مسبوق يجتاح الأسواق وتدني أيضاً غير مسبوق في قيمة ليرتهم وبالتالي قدرتهم الشرائية جعلت من المستهلك الحلقة الأضعف والأسوأ تلك الحالة التي بات يصدقها حتى أصحاب القرار بأن العديد من المواطنين عظامهم ذهب وقادرين على التحمل طالما تحت البلاطة ما يدعمهم رؤية بنيت وحللت في كثير من الأحيان بناءً على أرقام وهمية ونسب غير حقيقية منها على سبيل المثال ازدحام المطاعم بالرواد أو امتلاء حجوزات الفنادق قبل شهر من قدوم عيد الأضحى رغم أن الواقع الذي يمثله النسبة الأكبر من المواطنين في مختلف المحافظات يشير بوضوح لحالة من البؤس و التردي في معيشتهم.
يترافق كل ما تقدم مع سابقة أيضاً تثير الاستغراب ويتمثل في السباق الحاصل بين العديد من الجهات العامة المنتجة التي ترفع أسعار منتجاتها وخدماتها وباتت تجاري أو تفوق أسعار السوق من تجار ومستوردين والأخطر تفاقم مشاكل وأزمات قطاعات عديدة تعد عماد الاقتصاد دون إيجاد حلول مستدامة تضمن عدم وقوعها مجدداً في نفس الحفرة والمثال الحاضر هنا بقوة قطاع الدواجن الذي تشهد منتجاته ارتفاعاً كبيراً وصادماً للمستهلك السوري يتطلب ليس اجتماعاً خجولاً وغير مجد بين منتجي بيض المائدة ومدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لتثبيت سعر صحن البيض عند 30 ألف ليرة.
الإجراء الأهم والمطلوب وبأسرع وقت ممكن معالجة قطاع الدواجن ووضع حد لأزمته المتفاقمة منذ سنوات والعمل على حلها بالتعاون مع القائمين على القطاع وغير ذلك يبقى حلولاً غير مجدية.