قرار بنقل مالية “سمعان” إلى مالية حلب.. والسبب “ما في كهربا”! مواطنون: مزيد من الضياع في أروقة المالية.. مدير المالية: النقل مفيد وهيئة الضرائب والرسوم صاحبة القرار.. الهيئة: هدفنا تبسيط الإجراءات.. المحافظة: التجربة الفيصل
الثورة – حلب – تحقيق جهاد اصطيف وحسن العجيلي:
تعد منطقة جبل سمعان في محافظة حلب من أكبر المناطق في سورية، وتضم نحو “٢٥٠” قرية وبلدة وناحية، وتحيط بحلب من كافة الجهات بالإضافة لوجود كثافة سكانية، وتمتاز بأنها من المناطق الزراعية والصناعية والتجارية، وتعد جميع دوائر سمعان مفعلة على أرض الواقع من مصارف وبلديات ووحدات إرشادية وغيرها، فضلا عن تميزها بوجود “سهل المطخ” الذي يعد من السهول الخصبة في سورية.
قصدنا من حديثنا بداية التذكير بأهمية المنطقة من مختلف المناحي وما يمكن أن تشكله من ثقل ليس على مستوى المحافظة فحسب، بل على مستوى القطر، ولندخل في صلب الموضوع والبداية من الشكاوى العديدة التي وردت لصحيفة “الثورة” من المراجعين والموظفين، بعد قرار نقل مالية “سمعان” إلى مالية المدينة في حلب، والتي خلصوا إلى القول فيها إن مالية حلب “تبتلع مالية” منطقة جبل سمعان .
• مواطنون: قرار مفاجئ
ببساطة شديدة تفاجأ أهالي قرى سمعان ومنطقة تل الضمان بالقرار الصادر من وزارة المالية الذي يقضي بنقل مالية جبل سمعان إلى مالية المركز “مديرية مالية حلب” التي تقع في حي الجميلية، ذلك المبنى كما أكد الكثير ممن اشتكوا أنه يعاني أصلاً من الضغط، عدا عن الآثار الناجمة عن صدور هذا القرار، منها أن مديرية مالية منطقة جبل سمعان تقدم خدمات كثيرة ليس لأهالي سمعان فحسب، بل للريف كافة من خلال صناديقها وموقعها حيث يبلغ الازدحام في مالية سمعان إلى حوالي الثلث في مالية حلب والنتيجة كما قلنا زيادة الضغط على المركز، وكذلك قرب مالية سمعان من الكثير من المراكز والدوائر الحكومية والخدمية من محاكم الريف والشؤون المدنية والتربية وغيرها، الأمر الذي يوفر الكثير من العناء والوقت والتعب، خاصة للفلاحين والمواطنين القادمين من الريف البعيد لإنجاز معاملاتهم خلال يوم أو يومين على الأكثر، فهم اعتادوا على الموقع منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وهي الوحيدة التي لم تتوقف الأعمال فيها خلال فترة الحرب ويتبع لها مالية الحاضر ودارة عزة التي تحرر الكثير من قراها.
•فلاحون: سلبياته كثيرة
وزيادة على ما ذكرنا يقول عدد من الفلاحين في شكواهم أن قرار النقل له آثار سلبية أكثر منها إيجابية، فهي بالإضافة لهدر الوقت والجهد، أيضا يمكن أن تتأخر آلية إنجاز المعاملات، وكلنا يعلم مدى صعوبة التنقل والمواصلات، الأمر الذي قد يضطرهم للمراجعة مرات عدة، علما أن أهالي الريف يراجعون الدوائر بأنفسهم وعلى الأغلب بشكل جماعي، هذا إن لم يجبر الفلاح على المنامة في المدينة حتى يتم معاملته، كون العودة للبلدة مكلف ماديا ويحتاج للوقت، ولا ننسى الزيادة في الروتين في اتخاذ القرارات، مؤكدين أنهم سيتوهون في أروقة المالية التي يحتاج المراجع العادي إلى لوحات دلالة وإرشاد ليصل إلى المكتب المنشود.
•لماذا لا يتم تأمين الكهرباء؟
وفي ذات السياق انقسمت آراء عدد من مراجعي مالية سمعان وبعض موظفيها حيث رأى القسم الأول أنه طالما العملية والآلية نفسها التي نقوم بها هنا في مالية سمعان، ستطبق في مالية حلب، فلا مانع من نقل المديرية إلى مديرية مالية حلب، خاصة وأن المسافة بين المديريتين ليست بالبعيدة جداً، بشرط ألا تتأخر معاملاتنا وتحصيلاتنا وأن تقدم لنا الخدمة بيسر وسهولة.
ومن خلال سؤالنا لأكثر من مراجع بمن فيهم محامون، أفادوا أيضاً أنه في حال كانت الغاية من النقل توفير الوقت والجهد من خلال اعتماد مرجع مالي واحد لتوحيد العمل، فهو إجراء في محله القانوني، فيما أبدى البعض الآخر تخوفه من النقل بسبب التعقيدات وكثرة المراجعات، والضياع ضمن مبنى مديرية المالية.
في حين رأى البعض الآخر ضرورة بقاء كل مديرية على حدة بسبب تموضعها وتمركزها في وسط المدينة، مع التشديد على تأمين التيار الكهربائي لمديرية جبل سمعان، الذي هو السبب الأساس في اتخاذ مثل هذا القرار كما قالوا!.
فيما عبر عدد من الموظفين عن اعتقادهم بأن قرار النقل في النهاية لا يعنيهم، كونهم يؤدون واجبهم هنا أو هناك، ولكن أردف هؤلاء بأنهم تعودوا على المكان لأنهم يمارسون العمل فيه منذ سنوات طوال، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أن العمل يصبح أسهل كون محكمة سمعان تقع بالقرب من المديرية، وهم مرتاحون فيها، لتبقى المشكلة كما يقولون بأن تحل مسألة تأمين التيار الكهربائي للمديرية، أو أن يتم تشغيل المولدة حتى يتم إنجاز العمل للمراجعين كما هو الحال في مديرية مالية حلب وغيرها من المديريات التي تتطلب استمرارية العمل فيها لنهاية الدوام الرسمي.
•محامون: الحل بتخفيف الإجراءات الإدارية لا نقل المديرية
ورأى عدد من المختصين بالعمل في المالية بأن هذا الإجراء يمكن تطبيقه في حال توفر الكادر والمكان المناسب في مالية حلب، عكس البعض الذي أفاد أن هذا الإجراء لا يمكن تطبيقه لأن لكل مالية نطاق عمل، فمثلا مالية حلب تختص بأمور المدينة، فيما مالية سمعان تختص بأمور الريف وما هو خارج المخطط التنظيمي، ولكل منهما وضع قانوني معين وتقدير مالي مختلف باختلاف مطرح الضريبة، وهناك من قال إن بقاء الوضع على ما هو عليه أفضل من النقل كون مالية سمعان تتميز بقلة عدد المراجعين مقارنة بمالية حلب الأمر الذي يسهل ويسرع الإجراءات، ما يخفف عبئاً كبيراً عن المواطنين.
المحامي حسام حميدي قال: إن كانت الغاية من النقل تسهيل العمل، فإن الحل يكمن ليس بالضم، وإنما بتخفيف أعباء المراجعات والإجراءات الإدارية وحصرها عن طريق النافذة الواحدة وتوفير البنية التحتية الملائمة للعمل، خاصة بعد إقرار رسوم وأعباء مالية جديدة فيما يتعلق بالبيوع العقارية، سواء أكانت إدارية أو عن طريق المحاكم المقصود بذلك التقدير المالي بحسب القيم الرائجة وهو إجراء ينطبق على كافة الدوائر المالية سواء في حلب أم غيرها.
•تخمين ضريبي غير عادل
وفي سياق التكليف الضريبي قال المشتكون: قرى سمعان ريف بعيد يمتد من حدود إدلب إلى حدود حماة ويعامل معاملة المدينة “كأسعار في القيمة الرائجة” قياساً للمناطق الأخرى التي تعد أسعارها أقل بكثير ومثال ذلك قرى تل الضمان، حيث لا يتجاوز سعر المتر على أرض الواقع سوى “٧٠٠” ليرة سورية وتم تخمينه وفق المرسوم “١٥” للعام ٢٠٢١ بنحو “٣٥٠٠” ليرة سورية للمتر الواحد .
•مالية حلب: هيئة الضرائب والرسوم صاحبة القرار
الدكتور خالد بنود مدير مالية حلب ولدى سؤاله عن ماهية الموضوع تحفظ بداية عن الحديث حول الموضوع قائلاً المعني بهذه المسألة الجهة التي أصدرت القرار، أي “الهيئة العامة للضرائب والرسوم” ، ويمكنكم أن تسألوا المدير العام.
ولدى سؤاله عن وجهة نظره كأحد كوادر الجهاز المالي في حلب ورأس الهرم فيها ورأيه بشكاوى المواطنين حول التقييم الضريبي، أكد مدير المالية أن مسألة التقييم تتم من خلال مدير المال بالإضافة للجنة الفرعية التي تضم عضواً من نقابة المهندسين ورئيس الوحدة الإدارية، فضلاً عن اللجان الرئيسية والمركزية، بمعنى نحن لا نعدل وإنما نعتمد الأسعار التي تضعها اللجنة.
•بنود: النقل بناء على آراء المواطنين
أما فيما يتعلق بقرار نقل مالية سمعان إلى مالية حلب فبين الدكتور بنود أن مسببات النقل كثيرة أهمها تأمين وسائل الخدمات والربط الشبكي، لكي لا يضطر المواطن من مراجعة المديرية أكثر من مرة، والأهم كما يقول أنه نتيجة استبيان لأغلب المواطنين رأوا أن يتم النقل، مؤكداً أنه بعد فترة ستظهر النتائج بشكل فعلي، خاصة وأنه تم إحداث العديد من الماليات في الريف وهي مخدمة تماماً مثل السفيرة ودير حافر وشعبة مسكنة، مضيفاً: أعطينا التعليمات للمديرين بأن ينجزوا أعمال المراجعين بكل يسهر وسهولة.
وختم بالقول: المواطن بالنسبة لعملنا هو البوصلة وأن النقل مفيد وقادم لا محالة.
•محافظة حلب: النقل خيار جيد حالياً والتجربة هي الفيصل
محمد فياض عضو المكتب التنفيذي لمجلس محافظة حلب المختص أوضح أن المحافظة مع النقل لطالما الأمر يصب في مصلحة المواطن، مشيراً بالوقت نفسه أن التجربة ستكون هي الفيصل، وأضاف أن موجبات النقل كثيرة أهمها توفر الكادر وضبط مسألة التسريب من العمل، والأهم تأمين التيار الكهربائي والربط الشبكي، تسهيلا لخدمة المواطن، خاصة وأن المكان متوفر في مالية حلب، وإشرافنا سيكون أسهل، علما أن التوجهات والإجراءات الحكومية في أكثر من مكان كانت تصب في مصلحة النقل وهناك أمثلة كثيرة على ذلك آخرها التفكير في دمج عدد من المصارف وقبلها شركات ومؤسسات إنشائية.
وختم بالقول: نعود ونؤكد أنه لطالما كان النقل مفيدا للمواطن بالمقام الأول والأخير فنحن معه قولاً وفعلاً.
•مدير عام هيئة الضرائب والرسوم: هدفنا تبسيط الإجراءات
صحيفة “الثورة” توجهت بالسؤال لمدير عام هيئة الضرائب والرسوم منذر ونوس عن سبب النقل فأكد أن النقل جاء بناء على شكاوي المواطنين لتقديم خدمات متكاملة ضمن بناء مستقل.
وأضاف ونوس بأن النقل له موجبات ضرورية فنحن نعمل بآلية عمل متكاملة لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين.
وأشار إلى أن بناء مالية حلب لديه كل المقومات إضافة لوجود النافذة الواحدة وهناك مشروعين الأول إلحاق فرع للتجاري السوري داخل المبنى وكواة للصرافات منها العقاري ومستقبلا للمصارف الخاصة، إضافة إلى العمل على تأمين خدمات الدفع الالكتروني مع بعض الصرافات.
وأفاد أن الهدف هو تبسيط الإجراءات خاصة وأن البناء مخدم بالمصاعد وسهولة الحركة كونه بالمدينة مع توفر الكهرباء وشبكة الانترنت.
خلاصة القول: تؤكد المالية قيامها بإجراء استبيان حول عملية النقل وأن المواطن هو بوصلة العمل المالي، وعلى المقلب الآخر يؤكد المواطنون أنهم غير راضين عن النقل وسيزيد من أعبائهم، وأي وجهة نظر هي الأصح ربما يكون من المفيد أن نتركها لأصحاب الشأن أو للتجربة “إن رضينا بمنهج التجريب في هذه الحالة كما رأت محافظة حلب” لنحكم عليها.