لميس عودة:
محطات وطنية سامية ووقفات بطولية عظيمة وملاحم إباء وكرامة خالدة يحفل بها التاريخ النضالي المشرف لأهلنا في الجولان العربي السوري المحتل، صاغوا من خلالها أسطع صفحات المقاومة بتمسكهم بعرى انتمائهم الوطني ورفضهم وتصديهم لمخططات العدو الصهيوني وأجنداته المتمثلة بقرارات الضم الباطلة لفصل الجولان عن امتداده السوري وفرض جنسية وهوية المحتل الغاصب على أبناء الجولان، واليوم يتصدون بكل بسالة لانتهاكات وجرائم العدو الصهيوني والمتمثلة بإقامة المراوح الهوائية على أراضيهم.
فمنذ لحظات احتلال الكيان الاسرائيلي لأرض الجولان عام 1967 أدرك أهلنا بالجولان خطورة المؤامرات الاسرائيلية وغاياتها من سلخ الجولان عن عمقه السوري فكانوا صخورا صلبة تكسرت على منعتها نصال مخططات العدو ومشاريع السلخ والضم والتوسع الاستيطاني وغيرها من محاولات فصل الجولان عن وطنه الأم، فتحصنوا براية الوطن في كل احتجاجاتهم وتظاهرات رفضهم لأجندات العدو كأقوى رد على محاولاته التي باءت وتبوء للحظة الراهنة بالفشل .
إذ لم تهدأ انتفاضات أهلنا في وجه المحتل منذ 56 عاما حيث اتقدت شعلة مقاومتهم لوجوده الاحتلالي ومخططاته العدوانية ولم تنطفئ رغم كل الاجراءات القمعية والترهيبية التي مارسها بحقهم بدءا من مصادرة الأراضي والممتلكات لإقامة مستوطنات وإحلال صهاينة فيها إضافة للاعتقالات التعسفية ومنعهم من إقامة جسور تواصل مع وطنهم، فضلا عن عمليات السطو الممنهجة على محاصيلهم الزراعية ومياههم، وليس انتهاء بمحاولة إقامة ” توربينات “على أراضيهم.
فمقاومة أهلنا الجولانيين للاحتلال سلسلة ممتدة حلقاتها منذ 56 عاما للآن لم تنقطع ولم ولن تنفرط حلقات النضال فيها حتى تحرير الجولان وعودته الى وطنه السوري.
توسع عدواني بذرائع الطاقة المتجددة
مسيرة تصدي أهلنا في الجولان لمخططات الاحتلال التوسعية العدوانية متواصلة، اذ ينتفض الجولانيون اليوم في وجه مخططات إقامة المراوح الهوائية على أراضيهم الزراعية في منطقة الحفاير شرقي قرية مسعدة معلنين أنهم لن يسمحوا بنهب أراضيهم وحرمانهم من حقوقهم المشروعة.
و ينفذ أهلنا بالجولان المحتل منذ عام 2019 إضرابات عامة وشاملة، للتصدي لمخطط التوربينات التوسعي الذي يهدد بالاستيلاء على أكثر من 6 آلاف دونم من أراضيهم الزراعية الغنية ببساتين الكرز والتفاح، التي رووها خلال عقود طويلة بعرقهم وقدموا أقدس التضحيات دفاعا عنها.
ويعد مخطط التوربينات من أخطر المخططات التي تستهدف الجولان، حيث يعمل الاحتلال على تمريره بذريعة توليد الكهرباء من طاقة الرياح،وهدفه الحقيقي الاستيلاء على أكثر من 6 آلاف دونم عبر إقامة 46 توربيناً على ثلاث مراحل، نفذت منها المرحلتان الأولى والثانية على مساحة تقدر بأكثر من 2000 دونم من أراضي القرى المهجرة عيون الحجل والمنصورة والثلجيات ومنطقة تل الفرس، في انتهاك لقرارات الأمم المتحدة وفي مقدمتها القرار 497.
وقد أجبر رفض أهلنا للمخطط العدواني ووقفاتهم الاحتجاجية وإضراباتهم الاحتلال على وقف تنفيذ المرحلة الثالثة التي تستهدف نحو 4 آلاف دونم من أراضيهم الزراعية في قرى مجدل شمس ومسعدة وعين قنية وبقعاتا.
يشكل الجولان المحتل أهم مصادر الطاقة والمياه للعدو الاسرائيلي إذ يحصل الاحتلال على ثلث حاجاته المائية من مياه الجولان كما ينهب خيراته ويخطط العدو منذ مدة لاستثمار حتى الهواء بالجولان المحتل عبر إقامة توربينات هوائية عملاقة “مراوح”، لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح.
وما يسعى اليوم الكيان الغاشم من تكريسه واقعا مشوها في الجولان المحتل تعود خلفيته إلى عام 2009، حين أصدرت حكومة الاحتلال القرار الرقم 4450، الذي يُلزم بالبحث عن مصادر طاقة بديلة بحيث تُغطّي بدءاً من العام 2020 نحو 10% من حاجة الكيان الغاصب إلى الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
معركة الهوية ضد الضم الصهيوني
وفي سياق المسيرة النضالية المستمرة لأهلنا في الجولان، سبق وأن تصدوا في14 كانون الأول 1981، لقرار الاحتلال الباطل بـ “ضم الجولان” وفرض قوانينه وولايته عليه.
وأصدر أهلنا في الجولان المحتل وثيقتهم الوطنية في الـ 25 من آذار عام 1981 التي أكدوا فيها أن “الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من سورية العربية وأن الجنسية العربية السورية صفة ملازمة لنا لا تزول وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء وأرضنا هي ملكية مقدسة لأبناء مجتمعنا السوريين، وكل مواطن تسول له نفسه أن يبيع أو يتنازل أو يتخلى عن شبر منها للمحتلين الإسرائيليين يقترف جريمة كبرى بحق مجتمعنا وخيانة وطنية لا تغتفر” مشددة على عدم الاعتراف بمجالس الاحتلال.
ولم تتوقف مساعي الكيان المحتل لسلب أبناء الجولان انتمائهم الوطني السوري فأعلن في 30 آذار 1982 أنه سيفرض “الهوية الإسرائيلية” على أبناء الجولان، واقتحمت قواته في الأول من نيسان القرى المحتلة ونكلت بالأهالي الا أن كل هذه الممارسات القمعية لم تثن أبناء الجولان المحتل عن خوض معارك الكرامة والتشبث بالهوية الوطنية فخاضوا في 1 نيسان 1982 “معركة الهوية”، تأكيداً على تمسكهم بهويتهم العربية السورية ورفضا لقرار الاحتلال، حيث أحرقوا “الهويات الإسرائيلية” على مرأى من قواته المدججة بالسلاح، وبعد أكثر من 6 أشهر من الإضراب اضطر الاحتلال مرغماً للرضوخ لمطالب أهلنا في الجولان والتراجع عن مخططه العنصري، لفرض “الهوية الإسرائيلية” عليهم.
لم يتوان أهلنا بالجولان عن خوض معارك التضحية والفداء والمواجهة مع العدو صونا لحقوقهم المشروعة وتمسكا بهويتهم الوطنية ورفضهم لمخططات الاحتلال فقدموا قافلة من الشهداء دفاعا عن أرضهم، من بينهم.. عزت شكيب أبو جبل، نزيه أبو زيد، غالية فرحات، نزيه محمود، هايل أبو زيد، سيطان الولي، أسعد الولي إضافة الى الكثير من الأسرى في سجون الاحتلال.
ولم تتوقف انتهاكات الاحتلال وإجراءاته القمعية للنيل من صمود وثبات أهلنا وذلك بالتضييق وتشديد الخناق الاقتصادي عليهم، ففي 27 آب 2014، أغلق الاحتلال معبر القنيطرة الذي يعد المعبر الشرعي الوحيد لتواصل أهالي الجولان المحتل مع وطنهم سورية، وتسويق محاصيلهم الزراعية “التفاح والكرز” فيها.
وفي 30 تشرين الأول 2018، نفذ أهلنا بالجولان اعتصاما في بلدة مجدل شمس رفضا لما تسمى “انتخابات المجالس المحلية”، ومنعوا سلطات الاحتلال من إجرائها وأحرقوا “البطاقات الانتخابية”.