حمزة حماد – كاتب فلسطيني:
الحاجة المُلحة اليوم تؤكد ضرورة إتمام اجتماع الأمناء العامين بالقاهرة وفقاً للدعوة التي أطلقت خلال الاجتماع الأخير للقيادة الفلسطينية خلال العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها، وما مورس بحقهم من سياسة عقاب جماعي.
دُعمت هذه السياسة بانحياز الولايات المتحدة لإسرائيل حين قالت: إنه «من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها»، متجاهلةً المآسي التي أصابت شعبنا وما نتج عن إرهاب الاحتلال من تدمير للبنى التحتية وحصار وتشريد للأهالي وعمليات القتل، وغيرها من الأعمال الإرهابية التي كالعادة فضحت زيف دعاة حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم، والتي في ذات الوقت حاولت أن تجمِّل وجهها القبيح بدعوتها لحماية المدنيين.
هذا يستدعي أن نسأل، هل المشهد بات ضبابياً إلى هذا الحد، وكيف يمكن إنقاذ الحالة الوطنية من حالة التشرذم التي تعيشها من سنوات؟! إن تنامي الفعل المقاوم على الساحة الفلسطينية وتحديداً في الضفة ساهم بشكل كبير في تأسيس مرحلة جديدة لإدارة الصراع مع الاحتلال تستدعي اغتنامها نحو بناء استراتيجية وطنية بديلة تقود الحالة الثورية الممتدة حتى تحقيق حلم شعبنا في الخلاص من الاحتلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وإشراك الكل الوطني تحت راية منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد لشعبنا.
فالوحدة الميدانية التي جُسدت خلال معركة جنين بين المقاتلين من مختلف الفصائل الفلسطينية، أصبح لابد من تطويرها والعمل على توفير الغطاء السياسي والوطني لها باعتبارها ظاهرة نبيلة مشرِّفة، استطاعت أن تتخطى السياسة الانتظارية التي تنتهج اليوم وتربك الحسابات كلياً، وهذا ما تحدث به القيادي في حركة فتح جمال حويل حين قال: إن «أبطالنا وشهداءنا من كتيبة جنين، وشهداء الأقصى، وكتائب الشهيد عمر القاسم، والقسام، وأبو علي مصطفى لن يسامحوا أحداً فرَّط معهم في هذه المحنة العظيمة، وستكون هذه الملحمة شوكة في حلق نتنياهو وغالانت والظاهرة الصوتية سموتريتش وبن غفير، وسيعود أبطالنا مرة أخرى يخرجون من الركام ويعيدون الكرة مرة أخرى ما دام الاحتلال جاثم على صدورنا».
حالة الترميم الوطني تبنى على أسس سليمة وليس بالشعارات إنما بالجلوس على طاولة واحدة نستطيع أن نحقق منها مخرجات يمكن أن يستظل بها شعبنا لمرحلة قادمة، تمكنه من مواصلة النضال، وتعزز من صموده وتمنحه الرؤية الواضحة لإنجاز حقه في الحرية والعودة وتقرير المصير، وهذا هو بالأساس برنامج منظمة التحرير قبل إلغائه باتفاق أوسلو الذي عمل على تقزيم قضيتنا الوطنية.
فلاشك أن الدفاع عن شعبنا وحمايته من بطش الاحتلال والوقائع في الفترة الماضية أكدت أن وحدة الصف هي التي تجعلنا ننتصر سواء في غزة أو الضفة، في الوقت الذي يواصل الاحتلال تكريس أهدافه الاستيطانية التوسعية، والعنصرية من خلال منح المستوطنين كامل الصلاحيات لممارسة عدوانهم الإرهابي وعمليات التخريب التي رأيناها في بعض البلدات والقرى مثل ترمسعيا، وحوارة وبرقة وغيرها، بهدف ترحيل المواطن الفلسطيني والسيطرة على أرضه.
اليوم المشهد يقول إنه لا مجال للفشل، والخطوة يجب أن تكون للأمام، لأن الخطوة اليوم بألف ميل في ساحة الصراع، فكلما تقدمنا خطوة استطعنا أن نحمي شعبنا أكثر ونقاتل عدونا أكثر ونقترب من حُلمنا وهدفنا المنشود أكثر.
والواقع اليوم بحاجة لحسم أمام استحقاق الحالة الوطنية وما تعانيه من الاحتلال، فالوحدة الوطنية بين مكونات الشعب الفلسطيني هي الحل وهي الخيار الأقوى وطنياُ، وأما الشرذمة بكل أشكالها ومواقعها، فالمستفيد منها هو الاحتلال فقط.