الثورة – ناصر منذر:
على خلفية عجز الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين عن إحراز أي تقدم ميداني على أرض المعارك في أوكرانيا، جاء إعلان إدارة جو بايدن على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان، الموافقة على تسليم نظام كييف ذخائر عنقودية، رغم إدراك خطرها على المدنيين، الأمر الذي لاقى تنديداً روسياً، واستهجاناً دولياً، لما يسببه مثل هذا القرار من مخاطر حقيقية على حياة المدنيين، ومن شأنه أيضا أن يدفع نحو توسيع دائرة الحرب، ويقوِّض الأمن والسلم الدوليين.
روسيا وعلى لسان سفيرها لدى واشنطن أناتولي أنتونوف، أكدت أن قرار واشنطن تزويد كييف بذخائر عنقودية، بادرة يأس من جانب الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن هذا الإجراء يدل على وعي الولايات المتحدة وأتباعها بعجزهم، ومع ذلك، فهم لايريدون الاعتراف بإخفاقاتهم وفشل محاولات القوات الأوكرانية لشن هجوم على مناطق روسية، وبالتالي يرتكبون حماقات جديدة”.
وبحسب أنطونوف فإن واشنطن خلقت خطراً على السكان المدنيين لسنوات عديدة قادمة، مؤكداً أن استفزازات الولايات المتحدة بلغت حدها الأقصى، وباتت تقرّب البشرية من حرب عالمية جديدة. مؤكداً في الوقت ذاته بأن ضخ أوكرانيا بالأسلحة الغربية لن يؤثر على تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة، “التي تهدف إلى القضاء على التهديدات لأمن روسيا الاتحادية، بما في ذلك النازية التي نشأت في أوكرانيا”.
أما عضو مجلس الدوما الروسي عن جمهورية القرم، ميخائيل شيريميت، فقد وصف قرار الولايات المتحدة بأنه قرار ضد الإنسانية، وأكد أن الأمريكيين سيدفعون ثمن رغبتهم في “تدمير العالم”.
ونقلت وكالة سبوتنيك عن شيريميت قوله”: “في رغبته الجامحة في تدمير العالم بالأيدي القذرة لربيبه زيلينسكي، يتجاوز بايدن كل الحدود المسموح بها وغير المسموح بها”.
وأَضاف: “إنه لأمر مخيف حتى التفكير في المكان الذي يمكن أن تطلق فيه هذه الأسلحة لاحقاً، إذ تم توثيق العديد من الحوادث حين يطلق السلاح المورَّد لأوكرانيا في أوروبا، والأمريكيون سيدفعون ثمن قرارهم”. وقال:” إن الولايات المتحدة على استعداد لتدمير بقايا الاتفاقيات الدولية التي تشكل أساس السلام الهش فيما يتعلق بحظر انتشار الأسلحة المدمرة للبشر من النوع العنقودي.
نائب رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، قسطنطين كوساتشيف، أكد من جانبه بأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الخسائر المدنية في المستقبل بعد تسليم الذخائر العنقودية المحظورة إلى نظام كييف. وقال:” من حيث الجوهر، فإن الولايات المتحدة قد وقعت على عدم قدرة نظام كييف على تحقيق أي تقدم دون استخدام الأسلحة الأكثر خطورة والمحظورة، كما كشفت استعدادها لقتل المدنيين من أجل مواصلة الأعمال العدائية بأي ثمن”.
وفي هذا السياق أيضا، علق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، على خطط واشنطن بتزويد نظام كييف بالذخائر العنقودية المحرمة دولياً مؤكداً أن أنطونيو غوتيريش، يعارض استخدامها بشكل قاطع.
وأكد فرحان حق، في مؤتمر صحفي أن الأمين العام للأمم المتحدة “يدعم اتفاقية الذخائر العنقودية، ويعارض بشكل قاطع استخدامها”، كما أنه “يدعو كل الدول إلى احترام شروط هذه الاتفاقية، لذلك لا يريد استخدام هذه الذخيرة في ساحة المعركة”.
كذلك أكد الخبير الاستخباراتي الأمريكي السابق، فيل جيرالدي، في حديث لوكالة “سبوتنيك” بأن قرار الولايات المتحدة يدل على نفاق واشنطن، فهذا لن يساعد كييف في ساحة المعركة، لكنه سيعرض حياة السكان المدنيين للخطر.
وقال جيرالدي، وهو ضابط سابق في جهاز المخابرات التابع للقوات المسلحة الأمريكية: “هذا يدل مرة أخرى على نفاق إدارة بايدن، التي نددت في وقت مبكر من العام الماضي باستخدام مثل هذه الأسلحة المنسوبة إلى روسيا”.
وتابع: “الذخائر العنقودية لن تضمن النصر لأوكرانيا، التي تخسر هجوماً مضاداً مدعوماً بنشاط من قبل الناتو، وأوروبا والولايات المتحدة، ولكنها ستقتل السكان المدنيين، وأجزاؤها غير المنفجرة ستكون لعنة على الأراضي الزراعية لسنوات عديدة”.
وأشار جيرالدي إلى أن الولايات المتحدة لم توقع اتفاقيات دولية تحظر الأسلحة، والتي يعد معظم الدول استخدامها جريمة حرب، مثل استخدام الأسلحة الكيميائية.
وأعلنت الولايات المتحدة، يوم الجمعة، أنها ستورد إلى أوكرانيا ذخائر عنقودية محظورة بموجب اتفاقية دولية صادقت عليها 123 دولة، ولا تشمل هذه الاتفاقية الولايات المتحدة وأوكرانيا.
ووفقاً للجيش الروسي، فإن القوات المسلحة الأوكرانية استخدمت بالفعل الذخائر العنقودية في قصف دونباس. وبحسب المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، فإن هذا يشير إلى أن مهمة القوات الأوكرانية هي قتل أكبر عدد من المدنيين.
ولا يزال الغرب يوسِّع حجم الأسلحة الهجومية المرسلة لنظام كييف، حيث أوضح الممثل الدائم لروسيا، فاسيلي نيبينزيا، في وقت سابق، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، أن الشعب الأوكراني مجبر على القتال من أجل أهداف الآخرين، مؤكداً أن أوكرانيا نفسها قد تحولت إلى “شركة عسكرية خاصة تابعة للناتو”.
وأكدت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، شهر آذار الماضي، أن روسيا سوف ترد بشكل مناسب، إذا ما تأكدت معلومات بشأن طلب أوكرانيا تزويدها بذخائر عنقودية من الولايات المتحدة.