الثورة:
تواجه جزيرة سميث الشهيرة في ولاية ماريلاند المتاخمة للعاصمة واشنطن، واحدة من أسوأ التوقعات في البلاد؛ لارتفاع منسوب مياه البحار، وذلك وسْط صورة واضحة عن الآثار المدمِّرة للتغيّر المُناخي، وبالرغم من ذلك؛ فان مبيعات المنازل بها آخذة في الارتفاع والازدهار.
بعد أكثر من 400 عام من الوجود، صارت جزيرة سميث آيلاند في ولاية ماريلاند الأمريكية، معرضة للاختفاء؛ فإنه قبل سنوات، ألحق إعصار “ساندي” أضراراً بليغة بمنازل الجزيرة، وكان مظهر المياه وهي ترتفع فوقها، شبيهاً بما تصوره أفلام الرعب؛ إذ “كاد أن يمحوها عن الخريطة”.
وفي نفس السياق، حذر ويليام سويت، خبير في المحيطات والغلاف الجوي، من أن الجزيرة التي يبلغ متوسط ارتفاعها قدمين فوق مستوى سطح البحر، يمكن أن تشهد ارتفاع المياه بمقدار قدم تقريباً بحلول عام 2050؛ مما يعني أنه حتى الفيضانات المعتدلة، يمكن أن ترسل المياه إلى الأرض حيث المباني.
وأكد أنه بحلول عام 2100، من المتوقع ارتفاع مستوى سطح البحر أكثر، وهو سيناريو يمكن أن يغرق الجزيرة بأكملها.تجدر الإشارة إلى أن بعض الدراسات أظهرت اتجاهات مماثلة في أماكن أخرى من الولايات المتحدة؛ حيث وجد أحدهم أن المزيد من الأمريكيين ينتقلون إلى المناطق الحضرية الساخنة والمناطق المعرضة لحرائق الغابات التي ستشتد بسبب تغير المناخ؛ حيث باتت الأعاصير أكثر تدميراً في فلوريدا؛ لأن الملايين اشتروا منازل هناك خلال العقود الأخيرة.
حيث جزيرة سميث آيلاند (Smith Island CDP, Maryland) هي منطقة سكنية تقع بولاية ماريلاند في الولايات المتحدة.. تبلغ مساحتها 23.8 كم²، وقد بلغ عدد سكانها 276 نسمة في عام 2010 حسب إحصاء مكتب تعداد الولايات المتحدة، وتصل الكثافة السكانية فيها 11.6 نسمة لكل كيلومتر مربع (30.0/ميل مربع).وصفت إحدى المقالات المقيمين بـ”المرشحين ليصبحوا أول لاجئي المناخ في الولايات المتحدة المتجاورة”.لكن سكان سميث آيلاند رفضوا المغادرة، وبدلاً من ذلك نظموا جهودهم للحصول على عشرات الملايين من التمويل الحكومي لترقية البنية التحتية والتحصينات ضد الأمواج.. وفي السنوات الأخيرة، حدث : طفرة عقارية.
تم بيع المزيد من المنازل في جزيرة سميث في السنوات الثلاث الماضية؛ مقارنة بالسنوات الـ11 السابقة مجتمعة؛ وفقاً لبيانات المبيعات.. يرى السكان المحليون قصة أمل، بدأت جهودهم لإنقاذ حياة عمرها 400 عام مرتبطة بالمد والجزْر والموسم تؤتي ثمارها.. يتساءل الكثيرون عن توقعات يوم القيامة للجزيرة، أو يأملون في إيجاد طريقة للتغلب على ارتفاع منسوب المياه.
يرى دعاة حماية البيئة نوعاً خطيراً من الإنكار.. يقولون إن بقاء سميث آيلاند على المدى الطويل، أمرٌ مشكوك فيه؛ لذا فإن المسار العقلاني الوحيد هو التراجع.. إنهم يرون الاهتمام الأخير بالجزيرة كجزء من اتجاه وطني مقلق- تُظهر الدراسات أن المزيد من الأمريكيين ينتقلون إلى مناطق الخطر المناخي.
إنهم يحبون حياة الجزيرة وأرادوا أن يستمروا فيها كجزء من الجيل التالي، في مكان يبلغ متوسط العمر فيه 70 عاماً، لكن الكارثة حدثت بمجرد وصولهم: ضرب مجرى مائي عبر الخليج في ممتلكاتهم.
ما تلا ذلك كان عاماً من القلق، وأعمالاً ورقية لا نهاية لها، ومعارك مع شركة تأمين، وصراعاً مع معضلة ستحدد مستقبل سميث آيلاند ومستقبل ملايين الأمريكيين في الأماكن العزيزة المهددة بتغيّر المناخ.. هل يجب عليهم البقاء أم الرحيل؟ الجزيرة هي آخر جزيرة مأهولة في ولاية ماريلاند لا يمكن الوصول إليها بالسيارة؛ لذلك كانت عزلتها جذابة.. تستغرق الرحلة 45 دقيقة عبر القوارب البيضاء للوصول إلى شواطئها.
قالت إحدى ساكنيها مازحةً: “هذه خطوة جيدة بين المجتمع والعيش في الجبال بمفردك”، المذكرات الكلاسيكية عن المكان تحمل عنوان “جزيرة فات الزمن”.. يتتبع بعض السكان نسبهم إلى المستوطنين الأوروبيين الأوائل في القرن السابع عشر، ويتميز خطاب الجزيرة بآثار الحقبة الاستعمارية، ويستمر رجال الماء في العادات القديمة المتمثلة في توجيه القوارب قبل الفجر لجني المحار و”كشط” السرطانات ذات الصدفة الرخوة.. الجزيرة عبارة عن خيط حي يربط بين تقاليد الخليج العميقة والحاضر.