قبل أيام صدر قرار من رئاسة مجلس الوزراء بإلزام كل من وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية باستيفاء كافة الرسوم الدراسية لطلاب التعليم العالي للجامعات العامة والخاصة من خلال الحساب المصرفي الخاص بالطالب.
بالعموم القرار يعتبر خطوة متقدمة في تعزيز الدفع الإلكتروني وخطوة أكثر دقة في حساب الأرباح الخاضعة للضريبة التي يجب أن تستوفيها الخزينة، ومن شأن الخطوة أن تكرس لثقافة مصرفية لشريحة واسعة من الشباب تمكنها من دخول الحياة العملية بشكلها الإلكتروني، والخطوة تعتبر متأخرة أمام عالم وصل إلى الذكاء الصنعي وإن لم نسر بهذا الاتجاه فسنكون خارج التاريخ.
أما في الواقع فهذا القرار يُصنف من القرارات الصحيحة في الزمن غير الصحيح والتي كان لها انعكاسات سلبية كبيرة على حياة الناس، لأن هذه القرارات مُعدة لحالة مثالية وليس لحالة تفتقد الاستقرار ولمجتمع ومنظومة إدارية غير مضبوطة تعاني من حالة ترهل واستنزاف يومي.
فتح حساب لكل طالب جامعي أو يدرس في المعاهد يعني فتح أكثر من مليوني حساب وهنا نسأل، هل مصارفنا مجهزة ببنى تحتية مؤهلة لاستقطاب هذا العدد الكبير من الطلاب ؟ هل نسيت الحكومة الإرباك والانتظار الطويل لأكثر من عشرين يوماً لفتح الحساب عندما ألزمت البيوع العقارية بالتحويل عن طريق المصارف؟.
الخطوة صحيحة ولكن كان بالإمكان إخراجها بطريقة مناسبة للواقع، مثلاً تطبق هذه السنة على كافة طلاب الجامعات الخاصة طالما أن المبالغ التي يدفعها طلاب هذه الجامعات كبيرة، ونضيف إلى الجامعات الخاصة طلاب السنوات الأخيرة في الجامعات الحكومية، وفي العام القادم يطبق على مُن تبقى من طلاب الجامعات والمعاهد، ويكون ذلك معلناً بحيث يستبق قسم كبير الوقت المحدد لفتح الحسابات. بهذه الحالة نكون قللنا من الضغط على المصارف وخففنا من الازدحام لأن البنية التقنية للمصارف لا تسمح بتنفيذ هذه الخطوة، وبذلك نكون قد دخلنا بحالة إرباك تضاف إلى حالات تعاني منها المصارف.
لا أحد يعارض هذه الخطوات المتأخرة أصلاً، ولكن يجب أن يراعي التطبيق ظروفنا التي تفتقد لأدنى المقومات، الربط الإلكتروني للفعاليات الاقتصادية حق، ولكن كل دول العالم تطبقه بنسب متدرجة تبدأ بـ 3 % وخلال خمس سنوات تصل 15 % وليس مباشرة 15 % الأمر الذي أوقف الإنتاج بشكل كبير لدخول هذه الفعاليات بصدمة غير متوقعة، ولو أن الأمر بدأ بـ 3 % لكان الجميع ذهب من تلقاء نفسه من مبدأ بدفع 3 % وارتاح من الجمارك ومراقبي المالية، والفترة الزمنية تُعطي كل الأطراف فرصة ترتيب أمورها.