في الحديث عن إعادة دمج بعض مؤسسات القطاع العام الاقتصادي يلزمنا على الدوام وضع الحاجة إلى هذه العملية التي تبررها أو تنفيها، ويتم ذلك عادة لأن المطلوب من هذه المؤسسات لم يعد بمقدروها تلبيته أو القيام به ضمن ظروف أدائها القانونية والبشرية القائمة ولتخفيض على حد زعم المدافعين عن هذه الفكرة التكاليف والنفقات والمزيد من الإنتاجية التي خسرناها خلال سنوات الحرب ما بين شركة خاسرة وأخرى مازالت تنتج، من خلال الاستغلال الأمثل للموارد.
من وجهة نظر اقتصادية فإن الدمج بالأزمات ضرورة إلا أنه يجب أن يكون مؤقتاً وليس دائماً لأنه بعد إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد الوطني سيكون هناك حاجة لإعادة التوسع الأفقي وتعدد الشركات والاختصاصات لتغطية جميع مجالات القطاعات الاقتصادية.
في الجانب الآخر فإن تجربتنا مع مسألة الدمج لسنوات عديدة سابقة لم تحقق الأهداف أو المهام الكبيرة التي رسمت لها، ومنها على سبيل المثال توحيد وتوجيه الجهود لخدمة المواطن والمصلحة العامة بل على العكس كانت نتائج قرارات الدمج سلبية على مستوى الأداء والعمل، وكلنا يذكر قرار دمج وزارتي الاقتصاد والتموين، ولاحقاً المؤسسة السورية للتجارة والسورية للحبوب، فحتى يومنا هذا مازال هناك مشكلة بالنظام الداخلي للعاملين بتلك المؤسسات.
المشكلة التي تواجهنا بقرار الدمج أن كل ما يتم العمل عليه يتم ورقياً وليس فعلياً دون وجود دراسة متأنية تأخذ بعين الاعتبار إعادة هيكلة تلك المؤسسات بشكل كامل من رأس الهرم حتى أصغر عامل وإيجاد توصيف وظيفي يوزع الأدوار بشكل صحيح.
والسؤال الذي لابد من طرحه هل نحن بحاجة اليوم إلى دمج بعض المؤسسات الاقتصادية أو حتى بعض الوزارات جراء ظروفنا الحالية ؟ قد يكون الجواب نعم نحن بأمس الحاجة إلى ذلك، فترهل الأداء والنتائج المتواضعة يدفعان بهذا الاتجاه، لكن هل نمتلك المقومات والكادر البشري والإخلاص لتطبيق الدمج ؟
الوصول إلى الغاية وتحقيق الأهداف يحتاج إلى موارد بشرية كفوءة مؤهلة تمكنها من إدارة الأمور بالطريقة الصحيحة.. أي إن الدمج يفترض وجود حامل بشري ومادي ينهض به وإلا فسيبقى مجرد كلام وحبراً على ورق…