جنين.. استراتيجية جديدة في صعود المد المقاوم

نجحت المقاومة الفلسطينية بتوجيه صفعة قاسية إلى الاحتلال في جنين من خلال خبرات متراكمة سطرها أبطال المقاومة رغم العوامل المعقدة والمتشابكة التي تحيط بالضفة الغربية.
فمنذ عقود تخوض المقاومة الفلسطينية محطات من النضال ضد الاحتلال الصهيوني الذي يمارس إرهاباً منظماً ضد الشعب الفلسطيني، تميزت هذه المواجهة بصمود أسطوري بوجه إرهاب قوات الاحتلال والمستوطنين حيث شهدت المقاومة عدة محطات من التطورات في مواجهات واشتباكات أدت إلى صعود المد المقاوم بقدرات أكبر وبعمليات أكثر جرأة وقوة وسط احتضان شعبي لأيديولوجية المقاومة فكراً وأداءً.
ورغم المجزرة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مخيم جنين إلا أنها فشلت في تحقيق مبتغاها في إضعاف المقاومة الفلسطينية بل كانت مجرد وسيلة صهيونية صورية لكي يحصل تكتل نتنياهو اليميني المزيد من الأسهم والأصوات ويحافظ على تماسك ائتلافه في ظل استمرار المعارضة لقضية الإصلاحات القضائية التي يتبناها نتنياهو بهدف زيادة سلطته في الكيان الصهيوني.
نكبة فنكسة فأوسلو لم تستطع هذه الجراح التي عاصرها الشعب الفلسطيني أن تغير قناعاته النضالية بل رسخت عمقاً اجتماعياً وسياسياً وثقافياً يؤكد أن الكفاح المسلح خط استراتيجي لانتزاع الحق الفلسطيني في ظل ازدواجية المعايير الدولية والتنكر لمئات القرارات الدولية التي انحازت للاحتلال وجرائمه وإرهابه بشكل مخالف لكل المواثيق الدولية والإنسانية ودعمت اليمينية الصهيونية.
وقد شكل صعود تحالف اليمين الصهيوني في الانتخابات الأخيرة بقيادة الإرهابي بنيامين نتنياهو رافعة للإرهاب الصهيوني وأفكار اليمين المتطرفة وتمثلت مؤخراً بمسيرة الأعلام والعدوان على القرى الفلسطينية وإحراق المستوطنين بيوت وأراضي ومنازل الفلسطينيين التي تسعى بطرق دموية لإحلال اليهود الصهاينة في فلسطين بدل شعبها العربي الفلسطيني متلاعبين بحالة القلق والخوف التي تسربت للمجتمع الصهيوني بعد انتصارات المقاومة الفلسطينية التي تحققت في السنوات الأخيرة بداية من معركة سيف القدس وصولاً لجنين التي باتت تمثل قلعة وقاعدة للعمل المقاوم في الضفة الغربية المحتلة.
وهنا نقرأ حقيقة تمكن المقاومة في الضفة الغربية من ضرب الاحتلال صفعة قوية للمنظومة الأمنية في كيان الاحتلال دلالاتها برزت قديماً في تآكل الردع وانكسار هيبة جيش الاحتلال أمام المقاومين وبالأمس القريب انتشرت صور الصاروخ القسام ينطلق في الضفة الغربية وكذلك الصور التي انتشرت لإنتاج العبوات في جنين ما مثل فشلاً ذريعاً لجهاز الأمن الداخلي الصهيوني ومنظومات الأمن وهو ما عبر عليه مائير بن شبات في صحيفة “إسرائيل اليوم”: أن النتائج في جنين لا تبشر بتغيير استراتيجي بعد انتهاء العملية في جنين، وهو بمعنى آخر اعتراف ضمني بالفشل وهو ما أكده أيضا الصحفي الصهيوني أيهود يعاري معلق الشؤون العربية في قناة 12، حيث قال لقد فشلت العمليات العسكرية السابقة بداية من عملية السور الواقي 2002 وكذلك العملية  في جنين  وبالتالي لن ينتهي إرث مخيم جنين، فهؤلاء المقاومون الذين يحملون السلاح اليوم بجنين هم أبناء الشهداء الذين ارتقوا في معركة جنين الأولى 2002 وهو ما يؤكد أن الكبار يستشهدون، وأبناؤهم يستمرون في النضال ويكشف زيف الدعاية الصهيونية الكاذبة أن الكبار يموتون والصغار ينسون.
ومن زاوية أخرى نقرأ تآكل الردع الصهيوني أمام حجم ونوعية عمليات المقاومة التي حققت خسائر كبيرة في جنود الاحتلال رغم تكتم المنظومة الرسمية عن إعلان خسائرها الحقيقية، لكن مشاهد الآليات الصهيونية المعطوبة وطائرات الإسعاف التي نقلت العشرات من جنود الاحتلال للمشافي في الداخل المحتل كل هذا كان في مرمى نيران وعبوات المقاومة في جنين وبفعل العنف الثوري ضد الإرهاب الصهيوني.
إن ما حدث في جنين هو نتاج جهد منظم من المقاومة توحدت فيه الفصائل العسكرية في خندق واحد ليسطروا ملحمة بطولية ستقف المنظومة الأمنية الصهيونية أزمنة عديدة تتدارسها وتحلل الأخطاء والشراك التي أوقعتها المقاومة الفلسطينية فيها في فعل ثوري يتناسب مع الموقف العملياتي الذي نجحت من خلاله القوى الفلسطينية في إظهار مدى الضعف الذي يعانيه جدود الاحتلال وما هم إلا وحوش إرهابية حائرة أمام إرادة الصمود والتحدي التي ظهرت في ميدان مخيم جنين لتؤكد جنين أنها صخرة كأداء في وجه الاحتلال.
لقد كان هذا الانتصار بمثابة وضع النقاط فوق الحروف وما دلالة عملية الرد على مجزرة  جنين في تل الربيع إلا ضربة جاءت في وقتها لتؤكد مدى رسوخ وثبات المقاومة وبالتوازي مع ذلك كان لبيان الغرفة المشتركة للمقاومة أهمية فائقة حيث أكدوا أنهم يتابعون العدوان الصهيوني وأبعاده الخطيرة محذرين الاحتلال من ارتكاب أي حماقات إضافية ضد جنين.

في الحقيقة أنا مؤمن وبشدة أننا سنرى مدى تأثير صعود المقاومة وكسرها هيبة الدولة الصهيونية وتآكل الردع أمام أبطال المقاومة، الأمر الذي بات جديراً بالملاحظة ومن هذه النقطة فصاعداً يمكننا القول إن انتصار مخيم جنين يؤسس لما بعده فلقد ترك بصمات واضحة لأن معركة التحرير ستكون رعباً حقيقياُ وهزيمة مدوية للكيان الصهيوني أمام المقاومة ومحور المقاومة في ظل وحدة الجبهات وتكامل الساحات الذي ينتظر هذا اليوم متسلحاً بعقيدة نضالية يتعدى تأثيرها لما وراء المعارك والانتصارات.

محمد مصطفى شاهين – كاتب فلسطيني:

آخر الأخبار
الخارجية ترحب بمبادرة قطر: خطوة حاسمة لتلبية الاحتياجات الملحة للطاقة في سوريا الدكتور الشرع: تفعيل اختصاصات الصحة العامة والنظم الصحية للارتقاء بالقطاع وصول الغاز الطبيعي إلى محطة دير علي.. الوزير شقروق: المبادرة القطرية ستزيد ساعات التغذية الكهربائية مرحلة جديدة تقوم على القانون والمؤسسات.. الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري ويشكل مجلساً للأمن القو... الرئيس الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري تاريخ جديد لسوريا وفاتحة خير للشعب غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا