“ريسبونسيبل ستاتكرافت”: حرب طويلة في أوكرانيا تهديد لأوروبا

الثورة – ترجمة ختام أحمد:
لأكثر من 15 شهراً أصر القادة الغربيون على أن فوز أوكرانيا مكتوب في السماء بين النجوم بالرغم من المخاطر الكبيرة لهذا العنوان ” هزيمة أوكرانيا لروسيا”، روسيا هي الضامن الأساسي لمستقبل أوروبا السلمي والمزدهر .
يدعي فولوديمير زيلينسكي أن أوكرانيا تحمي القارة من أكثر القوى المعادية لأوروبا في العالم الحديث. وفقًا للتفسير الثنائي السائد للصراع، فإن البديل عن النصر الأوكراني هو الاستسلام الدنيء لروسيا الذي من شأنه أن يجر أوروبا إلى عصر مظلم جديد.
هذه الرؤية الأوروبية للحاضر والمستقبل تدعمها “تفاؤل الحرب” – الإصرار على أن روسيا على طريق الانهيار الاقتصادي والسياسي والعسكري، وبعدها وسيأتي المستقبل المشرق.
تُظهر التصريحات الأخيرة في G7 في طوكيو ووزير الخارجية أنطوني بلينكين في هلسنكي تغييراً طفيفاً: لاتزال المفاوضات مرفوضة، ووعد بالمزيد من الأسلحة.
وبالرغم من كل ذلك أوروبا تعلم أن روسيا لن تنكسر اقتصادياً، وعلى الرغم من كل الضجيج حول حادثة التمرد بقيادة المنشق يفغيني بريغوزين ، لم يحدث انقسام سياسي خطير، بل ساهمت التعبئة الجزئية في استقرار الدفاعات الروسية، وقد نجح الجيش الروسي في تكثيف تكتيكاته المضادة للطائرات بدون طيار والمشاة والمدفعية، فالقوة العسكرية للجيش الروسي لا تهتز بمجرد خروج مجموعة فاغنر التابعة لبريغوزين كما كان يخطط الأوربيون.
إذا كانت روسيا الآن قوية بما يكفي لتحمل أوكرانيا المدعومة من الناتو، فإن أوروبا تواجه حرباً طويلة على جناحها الشرقي.
يتوقع رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي معركة عنيفة للغاية” من شأنها أن تستغرق وقتًا طويلاً وبتكلفة عالية.
بينما يرفض بلينكين فكرة وقف إطلاق النار، وصاغ الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ مؤخراً الهجوم المضاد الأوكراني كوسيلة لتعزيز موقف كييف على طاولة المفاوضات.
ومع ذلك، وبالنظر إلى المسافة الشاسعة بين تموضع كلا الجانبين على الأرض والحياد والضمانات الأمنية، فمن الصعب التكهن برؤية أساس معقول لسلام تفاوضي، حيث تكافح النخب في أوروبا لفهم تداعيات حرب طويلة الأمد على جناحها الشرقي بقوة نووية كبرى.
خلال الشهرين الماضيين، ظهرت بعض الاختلافات في السياسة الخارجية، في قمة مجموعة السبع، انضمت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، إلى الاتحاد الأوروبي مع نهج إدارة بايدن المتشدد تجاه الصين، بينما قاوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محاولات توسيع نفوذ الناتو إلى مسرح المحيط الهادئ.
قبل شهر من ذلك، سخر ماكرون كثيراً عندما حث أوروبا خلال زيارة رسمية لبكين على تجنب الانحياز إلى جانب تايوان والسعي بدلاً من ذلك إلى “الحكم الذاتي الاستراتيجي ” كقوة ثالثة في نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، بالنظر إلى سجله الحافل بالازدهار الخطابي والانتهازية السياسية، من السهل استبعاد ماكرون ومع ذلك، فإن تعليقاته تعكس خط تفكير ليس قصير المدى وبالأبيض والأسود، ولكنه استراتيجي وطويل المدى.
لم يتحقق النصر السريع لأوكرانيا، الذي كان يراهن على إعادة ترتيب فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي بسرعة لصالح أوروبا. الآن، مع استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى، تظهر ثلاثة تهديدات خطيرة لـ “الاستقلال الاستراتيجي” في أوروبا في المستقبل:
الأول مشكلة أمنية صعبة فورية ووجودية، إذا استمرت قمة الناتو المقبلة في تموز كما هو متوقع، فسيتم تقديم المزيد من الأسلحة والمال، وربما حتى عضوية لأوكرانيا، ولكن بحذر من اندلاع حرب شاملة مع روسيا، عندها لن يرسل الناتو قواته وطيارينه إلى أوكرانيا، تاركاً كييف تعتمد على إمداد بالتنقيط من الأسلحة الأكثر تقدماً التي لا تكفي لهجوم ناجح.
وإذا لجأت كييف إلى استخدام أسلحة الناتو الجديدة لشن طلعات جوية مدمرة بشكل متزايد على الأراضي الروسية، قد يجبر هذا روسيا على الرد بالمثل، باستخدام أسلحتها بعيدة المدى لاعتراض خطوط إمداد الناتو إلى أوكرانيا من بولندا ورومانيا.
من الواضح أن هذا الحدث سيضع القادة الأوروبيين في موقف صعب للغاية: إذا لم يستجب حلف الناتو فسوف تتعرض سمعته لجرح قاتل؛ إذا حدث تصعيد يهدد وجود أوروبا ذاتها، ناهيك عن استقلاليتها الاستراتيجية.
والثاني مشكلة أمنية صعبة على المدى المتوسط إلى الطويل، هذا يفترض إدارة التصعيد ونزاع مجمّد أو سيناريو “الحرب الأبدية”. في هذه الحالة، ستصبح أوكرانيا الدولة الغربية المسلحة في حالة استعداد دائم للعمليات العسكرية. ويمكن لروسيا، المنقطعة عن أوروبا وغير القادرة على هزيمة أوكرانيا أو وقف هجماتها، أن تصبح أكثر راديكالية وتسعى إلى جعل أوروبا تدفع ثمن حرب غير متكافئة.

ولكن بالنظر إلى حجم روسيا وترسانتها النووية وشراكتها مع الصين، فإن الأمر سيكون مختلفًا تمامًا. وستقع أوروبا في معضلة أمنية كلاسيكية: زيادة المساعدة العسكرية لأوكرانيا بهدف تعزيز أمن أوروبا مما يؤدي فقط إلى مزيد من انعدام الأمن.
التهديد الثالث اقتصادي، يمثل فقدان الطاقة الرخيصة من روسيا تحدياً خطيراً لأوروبا ومن المرجح أن يتم حله من خلال الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال من أمريكا والاستثمار طويل الأجل في الطاقة الخضراء باهظة الثمن، وهذا يعني أن أسعار الطاقة المرتفعة ستكون التحدي الطبيعي الجديد لأوروبا.
في الوقت نفسه، في سيناريو “الحرب الأبدية” في أوكرانيا، سيستمر الأمريكيون في دفع أوروبا لإنفاق المزيد على الإنتاج العسكري، من ناحية التجارة العالمية ستواجه أوروبا ضغوطاً أمريكية للوقوف إلى جانب واشنطن في الخلافات المستقبلية مع الصين، مع انتقال أمريكا إلى السياسات التي تشبه الحمائية مثل قانون خفض التضخم، لم تستطع أوروبا حتى التأكد من الوصول إلى أسواق أمريكا الشمالية.
أخيراً، لا يمكن لأوروبا أن تتوقع شيئاً يشبه خطة مارشال لمساعدتها على التغلب على التوترات.
على العكس من ذلك، من المتوقع أن تساهم بمبالغ ضخمة من المساعدات لأوكرانيا، وهي دولة تعاني من مشاكل فساد متعددة المستويات وموثقة جيدًا.
تشير الأبعاد الاقتصادية لهذه الصورة إلى أن العقد الاجتماعي لأوروبا لن يكون مستدامًا، مع انخفاض مستويات المعيشة وتقلص الاقتصاد، من المرجح أن يسأل الناخبون على من يقع اللوم وما الذي يجب فعله.
لن يكون القادة الأوروبيون قادرين على توجيه أصابع الاتهام إلى بوتين إلى الأبد، الأمر الذي من شأنه أن يخلق مساحة لموجة خبيثة جديدة من الشعبوية.
يبدو أن أوروبا ليس لديها مخرج، فهي لا تسيطر على سياستها، بل هي مدفوعة إلى الأمام بأحداث لا يمكن السيطرة عليها و يتطلب الهروب من الاحتمالات المظلمة على المدى المتوسط إلى الطويل حنكة سياسية مسؤولة وقيادة حازمة في الوقت الحاضر، على المدى القصير، يتعين على زعماء أوروبا التوقف عن الاستسلام لحمى الحرب والإسقاط المبتهج بالنصر.
لقد حان الوقت لأن تعيد أوروبا تقييم عواقب حرب طويلة في أوكرانيا بجدية بدلاً من السير بشكل أعمى نحو مستقبل من عدم الاستقرار والحرب الأبدية والانحدار والعجز.
المصدر – ريسبونسيبل ستاتكرافت

آخر الأخبار
نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان الدفاع المدني السوري.. استجابة شاملة لسلامة الأهالي خلال العيد دمشق منفتحة على التعاون مع "الطاقة الذرية" والوكالة مستعدة لتعاون نووي سلمي حركة تسوق نشطة في أسواق السويداء وانخفاض بأسعار السلع معوقات تواجه الواقع التربوي والتعليمي في السلمية وريفها افتتاح مخبز الكرامة 2 باللاذقية بطاقة إنتاجية تصل لعشرة أطنان يومياً قوانين التغيير.. هل تعزز جودة الحياة بالرضا والاستقرار..؟ المنتجات منتهية الصلاحية تحت المجهر... والمطالبة برقابة صارمة على الواردات الصين تدخل الاستثمار الصناعي في سوريا عبر عدرا وحسياء