الثورة – ترجمة رشا غانم:
تظهر تكهنات وسائل الإعلام الغربية أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية غير متأكد من كيفية التعامل مع الصين وروسيا، ومن ناحية أخرى، يصف القادة الغربيون ووسائل الإعلام الصين وروسيا بأنهم التهديد الأكبر، وبعد أن أدركوا أن مزاعمهم واتهاماتهم التي لا أساس لها من الصّحة لها تأثير معاكس، يحاولون الآن تخريب العلاقات الجيدة بين الجانبين من خلال لعب ما يسمى بالمنافسة بينهما في آسيا الوسطى.
وتماشياً مع سياسة الغرب تجاه الصين وروسيا، قال بيان قمة الناتو في فيلنيوس، ليتوانيا: إن الشراكة الاستراتيجية العميقة بين جمهورية الصين الشعبية وروسيا ومحاولاتهما لتقويض النظام الدولي القائم على القواعد تتعارض مع قيمنا ومصالحنا، وندعو جمهورية الصين الشعبية إلى القيام بدور بناء بوصفها عضوا دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إدانة حرب روسيا العدوانية ضد أوكرانيا، والامتناع عن دعم المجهود الحربي الروسي بأي شكل من الأشكال، للتوقف عن تضخيم رواية روسيا التي تلقي باللوم على أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي في الحرب على أوكرانيا، والتقيد بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
إنّ حديث الناتو عن ميثاق الأمم المتحدة مثل الشيطان، فعلى الغرب أن يدرك أن العلاقة بين الصين وروسيا هي علاقة شراكة استراتيجية شاملة، حيث يتعهد الجانبان بدعم بعضهما البعض، إضافة إلى التعاون الوثيق والفعال في كل مجال من أجل تعزيز السلام الإقليمي والدولي، والحفاظ على الاستقرار والتنمية والازدهار.
وللأسف، لا يزال السياسيون ووسائل الإعلام الغربية يستخدمون الحيل الجيوسياسية القديمة لتعظيم مصالحهم السياسية، مما يكشف افتقارهم إلى المعرفة برغبات وتطلعات شعوب آسيا الوسطى.
خذ أفغانستان على سبيل المثال، وآسيا الوسطى المسالمة والمستقرة والمزدهرة يمكن أن تسهم بقدر أكبر في تنمية أفغانستان، التي دمرتها عقود من الحروب والصراعات الداخلية، وإلى جانب ذلك، فإن جميع المشاريع والطرق الاقتصادية الجارية التي بدأتها الصين تربط روسيا بآسيا الوسطى أو تمر عبر روسيا، وبالتالي تفيد روسيا أيضاً .
إنّ التزام وسائل الإعلام الروسية الصمت على التقارير الاستفزازية والادعاءات الكاذبة لوسائل الإعلام الغربية يعني أنها تعرف الواقع وتعتقد أن السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة بأكملها أمر مهم للجميع، ومع ذلك، فإن حقيقة أن العلاقات بين روسيا والصين ودية لا تعني أنها ضد أي طرف ثالثة، أو أن العلاقات الثنائية تتأثر بعوامل طرف ثالث.
وعلى وجه الخصوص، في سياق الصراع الروسي الأوكراني، تلتزم الصين، دون الانحياز إلى جانب، بسياسة تعزيز المفاوضات بين موسكو وكييف للمساعدة في إنهاء الصراع، وفي الواقع، تحافظ بكين على علاقات طبيعية مع كل من موسكو وكييف، ونتيجة لذلك، وصلت التجارة بين الصين وروسيا إلى مستوى قياسي بلغ 190.2 مليار دولار في عام 2022.
في أعقاب الصراع الروسي الأوكراني، فرضت أكثر من 40 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، عقوبات على روسيا، لكن هذه العقوبات لم يوافق عليها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولا يوجد قانون دولي يدعمها، والأهم من ذلك، أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبقية الغرب لا تمثل العالم بأسره.
ولم تعلن أكثر من 140 دولة من أصل 193 دولة عضو رسمية في الأمم المتحدة عن أي عقوبات ضد روسيا، والصين-كدولة ذات سيادة- لها الحق في إجراء تبادلات ودية عادية مع روسيا أو أي دولة أخرى، فإن علاقة الصين الطبيعية والودية مع روسيا ليست فقط مظهراً من مظاهر دبلوماسيتها المستقلة، ولكنها أيضاً انعكاس لمبدأ عدم التأثر بطرف ثالثة، وحتى من حيث المساهمة في الاقتصاد العالمي، فإن القيمة المضافة للصناعة التحويلية لبلدان مجموعة السبع ليست بقدر ما هي للصين، ومن حيث عدد السكان، فإن سكان دول مجموعة السبع أقل بكثير من سكان الصين.
ومع ذلك، تشير دول مجموعة السبع بأصابع الاتهام إلى الصين، وتنتقد سياستها الخارجية وتطالب الصين بفعل ما تقوله، ربما لأنها لا تزال تعتقد أنها تسيطر على العالم وتديره.
كانت الصين تتبع نموذجاً داخلياً للتنمية وتحافظ على علاقات ودية مع الجيران لآلاف السنين، كما تستفيد الصين من العلاقات الودية مع جيرانها، والعكس صحيح، حيث أنّ تهيئة بيئة سلمية ومستقرة أمر أساسي للتنمية المستدامة، لهذا السبب اقترحت الصين مبادرة الحزام والطريق ومفهوم بناء مجتمع بمستقبل مشترك للبشرية، في حين أن مبادرة الحزام والطريق تهدف إلى تحسين الاتصال وبالتالي تعزيز التنمية الاقتصادية الشاملة، فإن هدف مفهوم المجتمع بمستقبل مشترك للبشرية هو بناء مجتمع عالمي شامل، على عكس نموذج التنمية الأمريكي للاستفادة من الاضطرابات والحروب.
وعلاوةً على ذلك، تتمتع الصين بسوق محلية ضخمة وقوة عاملة فعالة وعالية الجودة واقتصاد مزدهر، ومن خلال التبادلات الودية مع الصين، تستفيد دول أخرى من تنميتها، فالعلاقات الصينية الروسية الودية ضرورية للحفاظ على الاستقرار والأمن والتنمية والازدهار في أوراسيا، وكذلك لصالح الصين وروسيا.
المصدر – تشاينا ديلي