الثورة – ترجمة رشا غانم:
قمة الناتو التي اختتمت في فيلنيوس، ليتوانيا، لا تبشر بالخير للسلام العالمي لسبب بسيط هو أن أيا من المشاركين لم يكلف نفسه عناء الحديث عن السلام، وركزت بدلاً من ذلك على الحرب، ألا وهو كيفية إطالة أمد الصراع الروسي الأوكراني على وجه الدقة.
فقد ألقى إعلان الولايات المتحدة في 7 تموز لتزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية-المحظورة من قبل أكثر من 120 دولة- بظلاله على اجتماع 31 دولة عضو في الناتو حتى قبل أن يبدأ، والصمت الذي يصم الآذان لقادة الدول الأعضاء في الناتو بشأن قرار الولايات المتحدة يكشف جبن ونفاق التحالف العسكري بقيادة واشنطن.
اكتسب الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ – الذي تم تمديد ولايته لمدة عام آخر بسبب طاعته المطلقة للولايات المتحدة – سمعته بالفعل باعتباره “أحمق كبير”، والذي أعطاه إياه رئيس الوزراء الأسترالي السابق بول كيتنغ في مقال رأي له.
لقد كانت جميع المحادثات التي أجراها ستولتنبرغ ومعظم قادة الناتو الآخرين تدور حول القسم لدعم أوكرانيا ضد روسيا من خلال تزويد أوكرانيا بمزيد من الذخائر وتدريب الطيارين الأوكرانيين على قيادة طائرات مقاتلة من طراز إف-16.
لم يتحدث أحد أو يبدي أي اهتمام بالمساعدة في التفاوض على وقف إطلاق النار في الصراع الروسي الأوكراني، أو البحث عن حل دبلوماسي للأزمة، وهو ما يريده بقية العالم، إلا أنّ رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان هو أحد الاستثناءات القليلة بين القادة الغربيين، والذي كتب على تويتر: بدلاً من شحن الأسلحة إلى أوكرانيا، يجب علينا أخيراً إحلال السلام، وهي رسالة كررها عدة مرات.
شدد ستولتنبرغ على أن أعضاء الناتو سيرفعون إنفاقهم العسكري بنسبة 8,3 في المائة في عام 2023، داعياً إلى زيادة ميزانية الناتو بشكل أكبر على الرغم من حقيقة أن الولايات المتحدة وحدها تنفق على الدفاع أكثر من الدول 10 مجتمعة.
وفي الأساس، دعا ستولتنبرغ إلى سباق تسلح في وقت يتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه البشرية في تغير المناخ والسعي لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، فالناتو، وعلى الرغم من خطابه المنمق، ليس بأي حال من الأحوال حلفاً دفاعياً نظراً لسجله سيىء السمعة في ليبيا والعراق وأفغانستان، حيث أسفرت هذه الحروب والغزوات والاحتلالات عن مقتل عدد لا يحصى من المدنيين الأبرياء وخسائر اقتصادية قيمتها بلايين الدولارات، فلا عجب أن الغالبية العظمى من الدول لم تتبع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا.
هذا واتهم الناتو في بيانه الصين بدون أي أساس باستخدام مجموعة واسعة من الأدوات السياسية والاقتصادية والعسكرية لزيادة بصمتها العالمية وقوتها في المشروع، والحقيقة هي أن الناتو هو الذي يحاول إخضاع العالم عسكرياً، في تناقض حاد مع جهود الصين للمساعدة في بناء الطرق والجسور ومنشآت البنية التحتية الأخرى في البلدان النامية وسجل الصين بعدم الانخراط في أي حرب منذ عقود.
لقد رفض الناتو تعلم أي درس من الحروب والغزوات والاحتلالات ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء، وبدلاً من ذلك، كان يضاعف من توسعه المتهور شرقاً، حيث أفاد العديد من المسؤولين الأمريكيين السابقين ومراقبي السياسة الخارجية بأن توسع الناتو منذ التسعينيات كان سببا رئيسيا للصراع الروسي الأوكراني، وعلى الرغم من أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوقف خطة الناتو لفتح مكتب اتصال في اليابان، إلا أن ستولتنبرغ لايزال يصر على أنه لن يتخلى عن جهوده للقيام بذلك، وأن الموضوع سيناقش في المستقبل، وما كان يقصد قوله هو أن الناتو سيواصل جهوده للتوسع شرقاً، حتى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، على الرغم من اقتصار التحالف العسكري، وفقاً لميثاقه، على شمال الأطلسي، وعلى حد تعبير كيتنغ رئيس الوزراء الأسترالي السابق، يحاول الناتو جلب الطاعون إلى آسيا، المنطقة التي لم تشهد أي حرب – ولكن السلام والتنمية الاقتصادية غير المسبوقة – منذ عقود.
إن قعقعة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس تظهر ضعفه ويأسه في مواجهة الصعود السريع لبقية العالم، وخاصة البلدان النامية، ولقد شهد بقية العالم ألوان الناتو الحقيقية ووجهه الحقيقي ولن يخضع له.
المصدر – تشاينا ديلي