أدب الشباب… جيل يحلق في فضاء الكلمة

الملحق الثقافي – رفاه الدروبي:
يشكّل أدب الشباب حركة ثقافية وإبداعية من ذوي الأعمار اليافعة فما فوق. إنَّها بداية طريق ممتع وهادف لكنَّه طويل يحتاج للقلم الملتزم الناطق بحروف الحق والحقيقة الممزوجة بالموهبة والثقافة الواسعة والمطالعة المتعمقة لأمهات الكتب بعيداً عن الفكر الفقير الطحل. وتُعدُّ البداية مرحلة متميزة في حياة كل أديب أو كاتب، لأنَّها لاتزال في طور النشوء والنمو والتدريب والتمرين، لكنَّها تستند إلى طبيعة المعارف ومخزون التجارب المكتسبة والتحصيل العملي، ويبدو أنَّ المسيرة الأدبية للكاتب تأخذ أشكالاً متنوعة بتنوع التجارب، واختلاف الأجواء الثقافيـــة المحيطة بهم لكنَّ قصر عمر تجربتهم الأدبية تجعلنـــا نصفها بالشبابية وتتوضح معالم ظاهرة ما يسمى بأدب الشباب.
روافد لنهرين
الدكتور راتب سكر اعتبر ظاهرة الاهتمام بالأدباء الشباب من الظواهر الثقافية العريقة عربياً وعالمياً، وتجلَّت بأشكال متنوعة مثل نصائح أبي تمام الطائي للبحتري الشاب يوم التقاه في حمص، وتتلمذ الخطيب التبريزي على يد المعري يوم قصده مسافراً من تبريز إلى المعرة، كما ولدت في العصر الحديث الأندية والتجمعات الثقافية المهتمة برعاية الأدباء الشباب، معتمدة برامج ثقافية عميقة ومتنوعة من دون أن يعني إلغاء حالات التتلمذ الخاص من أديب شاب لأديب أقدم منه كتتلمذ الأديب سليمان العيسى الشاب منذ عام ١٩٣٦ على يد الأديبين زكي الأرسوزي وعمر يحيى الفرجي. وتتلمذ الأديب الشاب لأكثر من أستاذ في الوقت نفسه أو في أوقات متباعدة باتت منتشرة انتشاراً واسعاً في العصر الحديث.
إنَّ تشبيه عطاء الأساتذة وأندية الثقافة ومؤسساتها للأدباء الشباب بروافد الأنهار لايخون الحقيقة، فالمستقبل في الحالتين لا يسترفد كليات بقدر ما يسترفد مكونات جزئية تتكامل مع تكوينه الشخصي ومؤهلاته، ما يعني أنَّ وجود الأساتذه والمؤسسات الثقافية والتعليمية والاجتماعية، ينجز جهوداً تسهم في نماء قدرات الأفراد ومواهبهم، وإغنائها، إسهاماً تفاعلياً وتكاملياً، وكلَّما وجد مستقبلاً جيداً لروافده حقق غايته المثلى.
بينما لايتعارض التتلمذ ذو الطابع الشخصي مع تنمية المواهب والقدرات الشابة في الأندية والمؤسسات الشبابية، فوجود روافد لكلِّ نهر جار في الحياة يكون غالباً مفيداً لنمائه وهذا ما تعلمناه من صلات النهرين الجميلين: دجلة والفرات برافدهما.
الحديث عن تدني نتائج العمل العام في إثراء حركة الأدب الشاب غير دقيق وعجلان ولاينظر بعين التقدير المتوازن العادل لما حدث في الثقافة العربية عامة والسورية خاصة في المضمار ذاته، فالأجيال المتعاقبة من الأدباء المهتمين منذ مطالع القرن العشرين حتى أيامنا الراهنة تحمل بصمات روافدها من التجمعات الفكرية والأدبية المختلفة.
جيل يثبت حضوره
من جهته الدكتور وليد العرفي أشار إلى أنَّ مصطلح أدب الشباب فيه كثير من مجانبة الصواب؛ فالأدب الحقيقي لايصيبه الهرم مهما مرت عليه السنوات؛ لأنَّ عمر الأدب لايقاس بمداه الزماني، بل بمقدرته على الوجود في الحياة، فكل أدب جيد أدب شاب، وكل كتابة لا تظل شابة؛ تعتبر عجوزاً، لأنَّها غير قادرة على الحياة، ومن المنظور ذاته فالمعلقات قصائد شابة رغم مرور الزمن. أيضاً شعر المعري والمتنبي وصولاً إلى نزار قباني ومحمود درويش. كل هؤلاء وسواهم من المبدعين الحقيقيين كانوا شباباً ببقاء شعرهم المستمر مدى الحياة.. القادر على تحريك العاطفة الإنسانية، أمَّا بخصوص ماينتج حالياً لدى الجيل الجديد، باعتبارها التسمية الأكثر دقة كما أرى؛ فثمة جيل يثبت حضوره في المشهد الثقافي اليوم، وفي كل يوم تظهر أسماء لمبدعين جدد، وسنَّة الحياة لا تتوقف عن إنجاب المبدعين.
ومن خلال متابعتي ماينشر أو يسمع في أوساط الثقافة أستطيع أنَّ أؤكد أنَّ الشعر بصورة خاصة والأدب عامة مايزالان بخير، ولابدَّ من الإشارة إلى ضرورة أن تولي الجهات المسؤولة عن الجيل الجديد الاهتمام والرعاية، وأن تكون له البوصلة كي تحدد له سمة رؤياه بعيداً عن الشخصنة، والأهواء الشخصية وأن تعمل على توفير الجو المناسب للمبدع الحقيقي ليكون لديه إمكانية التحليق في فضاء الكلمة الهادفة، مايقتضي تحفيزهم على المتابعة والاهتمام وإثارة الدافعية وتوفير فرص النشر والانتشار على مستوى الإعلام المقروء والمرئي على حد سواء. لاشك أنَّ لدينا جيلاً جديداً يسعى ولكن يحتاج إلى إيجاد طريق يسير فيه علَّه يجد في آخره أفقه المنشود.
على طريق عبقر
بدوره الدكتور غسان لافي طعمة قال: رؤيتي لأدب الشباب تنبع من تجربتي في تحرير صفحة على طريق عبقر لمدة طويلة وتعتبر تجربة غنية شكلت رؤيتي لأدب الشباب فكنت ومازلت أنظر لأدبهم باحترام وأقدر أصحابه وأرى فيهم براعم يجب علينا أن نساعدها على التفتح وروداً يعبق عطرها أدباً طازجاً فللأدب مكونان جدليان الموهبة والثقافة.
فالثقافة تصقل الموهبة وعلينا أن نأخذ بأيدي المواهب إلى ينابيعها عندها تتألق في أعمال أدبية إبداعية كما تألقت الشاعرة قمر صبري الجاسم والروائية بوران عربش والقاصة فاديا عيسى قراجه والأديبة لين غرير والأسماء كثيرة. ولي رجاء عند الأدباء الشباب ألا يستعجلوا وألا يخدعوا بكبر بعض الأسماء وأن يبتعدوا عن لغة الفضاء الأزرق.
العدد 1153 تاريخ: 1/8/2023

آخر الأخبار
1200 سيارة حمولة باخرة ثالثة إلى مرفأ طرطوس 250 ماعون ورق من مؤسسة "بركة" لتربية حماة "سوق ساروجة" شاهد على نشاط عمراني عاشته دمشق هل سينجز مشروع دار الحكومة بدرعا ؟ ٢٤ عاماً من الفساد والتسويف ..والآن لجان لجرد الأعمال وتصويرها تحضيرات إسرائيلية لضربة نووية محتملة على إيران    معاون وزير الطوارئ لـ"الثورة": رفع العقوبات خطوة نحو تعزيز الاستقرار البطالة..موارد مهدورة وخطر محدق.. د. علي لـ" الثورة ": فرص كبيرة لوقف معدلاتها.. منها دعم المشروعات ... ثنائية تعافي الاقتصاد والأمن.. سوريا تخرج من عنق زجاجة العقوبات  الوظيفة العامة المغلقة.. التركة الثقيلة والفرصة السانحة يورونيوز": مستقبل إيران الاقتصادي مرتبط بالتطورات القادمة من واشنطن  روح جديدة تسري في سوريا.. مبادرة من خبير طاقة سوري حول تطوير معايير هندسية حديثة:إعادة إعمار سوريا ب... هل يخرج الكتاب الورقي من غرفة الإنعاش..؟!  دور النشر: الورق رغيفٌ ساخنٌ يخبزه تجّار الأزمات الملّا "للثورة": الحفاظ على الأصالة دون الذوبان في الآخر دور المنبر في تعزيز الوعي لمواجهة الأزمات والفتن البحرين و"التعاون الخليجي": بدء التعافي لسوريا   مجموعة العمل التركية - الأميركية حول سوريا تؤكد الحفاظ على وحدة أراضيها  القطاع الصحي منهار وأزمة الجوع تتفاقم في غزة بين الأمس واليوم: قراءة في مسار العلاقة بين دمشق وبغداد     تكريم حارسين أنقذا المتحف الوطني بدمشق ليلة التحرير  رفع العقوبات الأوروبية من العزلة إلى الانفتاح..محي الدين لـ"الثورة": بيئة جاذبة للمغتربين وأمل للشبا...